للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتشديد النون- من الحرم ليقتلوه قال له أبو سفيان بن حرب: أنشدك بالله يا زيد أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟ فقال زيد: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكه وإني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدًا من الناس يحب أحدًا كحب أصحاب محمد محمدًا.

وروي -مما ذكره القاضي عياض- أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لأنت أحب إلي من أهلي ومالي، وإني لأذكرك فما أصبر حتى أجيء


أخرج أهل مكة زيد بن الدثنة" بن معاوية بن عبدي بن معاوية بن عامر بن بياضة الأنصاري، البياضي، شهد بدرًا وأحدًا "بفتح الدال المهملة وكسر المثلثة وتشديد النون" وقد تسكن المثلثة وتخفف النون وهاء تأنيث، اسم والده من قولهم دثن الطائر إذا طار حول وكره، ولم يسقط عليه أو من دثن إذا اتخذ عشا، وكان قد أسر يوم الرجيع مع خبيب بن عدي، فاشترى صفوان بن أمية زيد أو غيره خبيبًا، وذلك في ذي القعدة سنة ثلاث؛ فحبسا بمكة حتى خرجت الأشهر الحرم، فخرجوا بهما "من الحرم" تعظيمًا له؛ لأنهم كانوا لا يقتلون فيه، واجتمع هو وخبيب في الطريق فتواصوا بالصبر والثبات على ما يلحقها من المكاره "ليقتلوه" بالتنعيم.
"قال له أبو سفيان بن حرب" وهو يومئذٍ مشرك: "أنشدك" بفتح الهمزة وضم الشين: أسألك "بالله يا زيد أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وإنك في أهلك فقال زيد": مؤكد بالقسم "والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه" مقيم "تصيبه شوكة"، أي: أقل شيء من الأذى فضلًا عما قلتم، "وإني جالس في أهلي" سالم من الأذى، "فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدًا من النس"، ما نافية لا تعجبية، وإن كان مراده التعجب من شدة حبهم له "يحب أحدًا كحب أصحاب محمد محمدًا"، مفعول المصدر، وهو حب، ثم قتله نسطاس مولى صفوان، وأسلما بعد رضي الله عنهما.
وفي رواية: أنهم ناشدوا بذلك خبيبًا فقال: والله ما أحب أن يفديني بشوكة في قدمه، ولا خلف، فقد يكونون قالوه لخبيب، وقاله أبو سفيان لزيد، ومر بسط القصة في المغزي.
"وروى" عند الطبراني في الصغير عن عائشة، وابن مردويه عن ابن عباس "مما ذكره القاضي عياض أن رجلًا" ثوبان أو عبد الله بن زيد على ما يأتي "أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لأنت" "اللام في جواب قسم مقدر" "أحب إليّ من أهلي ومالي، وإني لأذكرك"، أي: أتذكرك في ذهني وأتصورك، أو أذكر اسمك وصفاتك فهو من الذكر "بالكسر أو الضم" "فما أصبر" أي: لا أستطيع الصبر عنك، أي: عن رؤيتك لشدة حبي لك، "حتى أجيء فأنظر

<<  <  ج: ص:  >  >>