للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد عليه الصلاة والسلام وكثرت الصوارخ بالمدينة، خرجت امرأة من الأنصار، فاستقبلت بأخيها وابيها وابنها وزوجها قتلى، لا تدري بأيهم استقبلت، وكلما مرت بواحد منهم صريعًا قالت: من هذا؟ قالوا: أخوك وأبوك وزوجك وابنك قالت: فما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: أمامك، حتى ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه ثم جعلت تقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذ سلمت من عطب. وكذا رواه ابن أبي الدنيا بنحوه مختصرًا.

وقال عمرو بن العاص: ما كان أحد أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال علي بن أبي طالب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من أموالنا، وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ.

ولما أخرج أهل مكة زيد بن الدثنة -بفتح الدال المهملة وكسر المثلثة


"بالمدينة" من هول هذا الخبر "خرجت امرأة من الأنصار، فاستقبلت" ضمنه معنى اشتغلت، فعداه بالباء في قوله: "بأخيها وأبيها وزوجها"، فزاد ابنها على الرواية السابقة: "قتلى لا تدري بأيهم استقبلت، وكلما مرت بواحد منهم صريعًا، قالت: من هذا؟ قالوا: أخوك وأبوك وزوجك وأبنك، قالت: فما فعل النبي صلى الله عليه وسلم"، أي: ما لذي قام به "فيقولون: أمامك حتى ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه، ثم جعلت تقول" أفديك "بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي"، لا أكترث ولا أهتم "إذ سلمت" أنت من القتل "من عطب" "بكسر الطاء" أي: هلك.
"وكذا رواه ابن أبي الدنيا" عبد الله بن محمد الحافظ، الشهير "بنحوه مختصر، وقال عمرو بن العاص" بالياء وحذفها "ما كان أحد أحب إليّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالًا له، حتى لو قيل لي صفه ما استطعت أن أصفه.
أخرجه مسلم في حديث طويل "وقال علي بن أبي طالب" وقد سئل كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من أموالنا، وأولادنا، وآبائنا وأمهاتنا" "بضم الهمزة وكسرها، مع فتح الميم، وكسرها جمع أمهة"، لغة في أم، لكنها تختص ببني آدم، قال: أمهتي خندف واليأس أبي، ويقال في البهائم: أمات "و" أحب "من الماء البارد على الظمأ" بقصره أفصح من مده، أي: شدة العطش، خصه لأنه حال محبة الماء وشدة الرغبة فيه، وأعاد الجار؛ لأنه نوع آخر مما يحب، ولشدة نفعه، "و" روى البيهقي عن عروة، قال: "لما

<<  <  ج: ص:  >  >>