للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من وجوه النفع الشامل لخير الدارين والغفلة عن ذلك، ولا شك أن حظ الصحابة رضي الله عنهم في هذا المعنى أتم؛ لأن هذا ثمرة المعرفة وهم بها أعلم.

وقد روى ابن إسحاق -كما حكاه في الشفاء- أن امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرًا هو بحمد الله كما تحبين، فقالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل، تعني: صغيرة.

ورواه البيهقي في دلائله، وذكر صاحب البيان بلفظ: لما قيل يوم أحد قتل


"و" بحسب "الغفلة عن ذلك" الاستحضار "ولا شك أن حظ الصحابة رضي الله عنهم في هذا المعنى أتم؛ لأن هذا ثمرة المعرفة، وهم بها أعلم" من غيرهم والله الموفق.
هذا وقد نقل المصنف بعد نحو كراس كلام سهل الذي نقله الشارح هنا عن الشفاء.
"وقد روى ابن إسحاق" محمد إمام المغازي في السيرة، "كما حكاه في الشفاء: أن امرأة من الأنصار" لم تسم، ولفظ ابن إسحاق: حدثني عبد الواحد بن أبي عون عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار وقد "قتل أبوها وأخوها وزوجها" شهداء "يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت" لما نعوا لها "ما فعل رسول الله" هكذا في أكثر النسخ، وهو اموجود في الشفاء وابن إسحاق رسول بلا باء، وليس المراد السؤال عن فعله حقيقة، وإنما المراد السؤال عن سلامته وحياته، وعبرت بذلك تأدبًا؛ لأن الفعل يستلزم الحياة، فأريد لازمة، وفي بعض نسخ المصنف برسول الله صلى الله عليه وسلم بالباء "قالوا" فعل "خيرًا" والمراد أنه بخبر، ولذا قالوا: "هو بحمد الله كما تحبين" أي: سالم منصور مظفر، "قالت: أرونيه"، بالجمع، وهو ما رأيته في ابن إسحاق، وفي نسخة: أرنيه بالإفراد خطابًا لمن سألته "حتى أنظر إليه" فإن الخبر ليس كالعيان، قال في الراوية: فأشير لها إليه، "فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك"، أي: بعد سلامتك ورؤيتك "جلل" "بفتح الجيم واللام"، "تعني صغيرة" وفي النهاية وغيرها، أي: هين حقير، والمعنى متقارب، وفي سيرة ابن هشام: الجلل من القليل والكثير، وهو هنا من القليل، كقوله امرئ القيس:
لقتل بني أسد ربهم ... إلا كل شيء سواه جلل
ومن الكثير قول الحارث بن وعلة، قال:
ولئن عفوت لأعفون جللا ... ولئن سطوت لأوهنن عظمى
"ورواه البيهقي في دلائله" النبوية من طريق ابن إسحاق، "وذكر صاحب البيان بلفظ: لما قيل يوم أحد قتل محمد عليه الصلاة والسلام، وكثرت الصوارخ"، الصائحون

<<  <  ج: ص:  >  >>