للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: كل من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إيمانًا صحيحًا لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة، غير أنهم متفاوتون، فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من يأخذ بالحظ الأدنى، كمن كان مستغرقًا في الشهوات محجوبًا بالغفلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اشتاق إلى رؤية بحيث يؤثرها على أهله وماله وولده ويبذل نفسه في الأمور الخطيرة ويجد رجحان ذلك من نفسه وجدانًا لا تردد فيه، وقد شوهد من هذا الجنس من يؤثر زيارة قبره ورؤية مواضع آثاره على جميع ما ذكر، لما وقر في قلوبهم، من محبته، غير أن ذلك سريع الزوال لتوالي الغفلات، انتهى.

ملخصًا فكل مسلم في قلبه محبة الله ورسوله، لا يدخل الإسلام إلا بها، ولكن الناس متفاوتون في محبته صلى الله عليه وسلم بحسب استحضار ما وصل إليهم من جهته


وأما بالسبب، علم أنه سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي، وعلم أن نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات، فاستحق لذلك أن يكون حظه من محبته أوفر من غيره؛ لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره، ولكن الناس يتفاوتون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه.
"قال القرطبي" أبو العباس في المفهم: "كل من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إيمانًا صحيحًا لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة، غير أنهم متفاوتون" فيها بحسب الاستحضار والغفلة "فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من أخذ بالحظ الأدنى، كمن كان مستغرقًا في الشهوات، محجوبًا بالغفلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اشتاق إلى رؤيته"، والشوق انجذاب النفس في الغيبة، فهو أخص من المحبة؛ لأنها تكون في الحضور والغيبة، "بحيث يؤثرها على أهله وماله وولده، ويبذل نفسه": يعطيها بسهولة ويلقيها "في الأمور الخطيرة" "بمعجمة فمهملة" الشاقة الصعبة، "ويجد رجحان ذلك من نفسه وجدانًا لا تردد فيه" ولا شك، "وقد شوهد من هذا الجنس من يؤثر زيارة قبره و" يؤثر "رؤية مواضع آثاره على جميع ما ذكره، فيذهب إلى ذلك بدون مراعاة المذكور "لما وقر": ثبت "في قلوبهم من محبته، غير أن ذلك سريع الزوال لتوالي الغفلات، انتهى" كلام القرطبي "ملخصًا، فكل مسلم" كائن وثابت "في قلبه محبة الله ورسوله" إذ "لا يدخل الإسلام إلا بها، ولكن الناس متفاوتون في محبته صلى الله عليه وسلم، بحسب استحضار ما وصل إليهم من جهته، من وجوه النفع الشامل لخير الدارين"، وهو أعظم من جميع وجوه الانتفاعات،

<<  <  ج: ص:  >  >>