وإذا كان المحب يحب غيره على ما فيه صورة جميلة وسيرة حميدة، فكيف بهذا النبي الكريم والرسول العظيم الجامع لمحاسن الأخلاق والتكريم، المانح لنا جوامع المكارم والفضل العميم، فقد أخرجنا الله به من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وخلصنا به من نار الجهل إلى جنات المعارف والإيقان، فهو السبب لبقاء مهجنا البقاء الأبدي في النعيم السرمدي، فأي إحسان أجل قدرًا وأعظم خطرًا من إحسانه إلينا، فلا منة -وحياته- لأحد بعد الله كما له علينا، ولا فضل لبشر كفضله لدينا.
فكيف ننهض ببعض شكره، أو نقوم من واجب حقه بمعشار عشرة، فقد منحنا الله به منح الدنيا والآخرة، وأسبغ علينا نعمة باطنة وظاهرة، فاستحق صلى الله عليه وسلم أن يكون حظه من محبتنا له أوفى وأزكى من محبتنا لأنفسنا وأولادنا وأهلينا وأموالنا والناس أجمعين، بل لو كان في كل منبت شعرة منا محبة تامة له صلوات
عنه ولم يره، "فكيف بهذا النبي الكريم والرسول العظيم"، الذي لا أكرم ولا أعظم منه، "الجامع لمحاسن الأخلاق والتكريم، المانح" المعطي "لنا جوامع المكارم والفضل العميم، فقد أخرجنا الله به من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان"، بالإضافة البيانية فيهما أو من إضافة الأعم إلى الأخص، "وخلصنا به من نار الجهل إلى جنات المعارف والإيقان، فهو السبب لبقاء مهجنا" بضم ففتح "البقاء الأبدي" الدائم "في النعيم السرمدي" المتواصل الذي لا ينقطع، "فأي: إحسان أجل قدرًا" رتبة "وأعظم خطرًا" بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة، أي: قدرًا أو شرفًا غاير بينهما تفننًا "من إحسانه إلينا" معاشر المؤمنين، وخصهم لأنهم هم المنتفعون به وإن كان إحسانه عامًا، وأي: للتعظيم والتفخيم، كما يقال: عندي رل، أي: رجل كامل الرجولية، "فلا منة وحياته" قسمي "لأحد بعد الله كما له علينا ولا فضل لبشر" ولا لملك "كفضله لدينا" عندنا وقيد بالبشر؛ لأنه المشاهد فضله، "فكيف ننهض" نقوم بسرعة "ببعض شكره" على ما أولانا، "أو" كيف "نقوم من واجب حقه بمعشار عشرة، فقد منحنا الله به منح الدنيا والآخرة وأسبغ: أوسع وأتم "علينا" بسببه "نعمة" أي: الله "باطنة"وهي المعرفة وغيرها، "وظاهرة" حسن الصورة وتسوية الأعضاء، فاستحق صلى الله عليه وسلم أن يكون حظه" نصيبه "من محبتنا له أوفى" أتم "وأزكى" أطهر "من محبتنا لأنفسنا وأولادنا وأهلينا وأموالنا والناس أجمعين"، عطف على خاص وهو كثير، "بل" انتقال "لو كان في كل منبت" محل نبات "شعرة منا محبة تامة له صلوات الله وسلامه عليه لكان ذلك بعض ما يستحقه