وإني لأهوى الحشر إذ قيل إنني ... وعفراء يوم الحشر نلتقيان وأحلى قول الآخر: إن كان يحلو لديك ظلمي ... فزد من الهجر في عذابي عسى يطيل الوقوف بيني ... وبينك الله في الحساب "وأما لهج اللسان بذكره؛ فلا ريب أن من أحب شيئًا أكثر من ذكره"، وهو لفظ حديث، رواه أبو نعيم، ثم الديلمي من طريق مقاتل بن حيان، عند داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب شيئًا أكثر من ذكره"، "ومنها": المحبة: "الميل إلى ما يوافق الإنسان" المحب، وتكون موافقته له إما لاستلذاذه بإدراكه منه أمرًا محبوبًا "كحب الصور الجميلة والأصوات الحسنة وغير ذلك" كالأطعمة والأشربة اللذيذة والروائح الطيبة والملابس الفاخرة "من الملاذ التي لا يخلو كل طبع سليم" من غلظ الطبع وفساد الحواس، كالمريض يحد الحلو مر الفساد ذوقه، فلا يرد نقضًا "عن الميل إليها لموافقتها له" طبعا "أو لاستلذاذه" أي: وجود لذته، وهو إدراك الملائم من حيث هو ملائم، والألم ضده، والمراد بالملائم للشيء كماله اللائق به، كالتكيف بالحلاوة للذائق ونحوه، من المحسوسات، وكتعقل الأشياء على ما هي عليه بالقوة العاقلة، وقيد الحيثية لا الشيء قد يكون ملائمًا من وجه دون آخر، فاللذة حسية، وإليها أشار بقوله: "كحب الصورة الجميلة" وعقيلة، وبينها بقوله: "بإدراكه بحاسته" بعد الوصول إليه لا قبله بمجرد تخيله بحاسة عقله وقلبه معاني لطيفة شريفة، كحب الصالحين والعلماء وأهل المعروف، كما في الشفاء، وفيه تسمح على رأي الحكماء؛ لأن المدرك عندهم القوى الباطنة في الدماغ لا العقل المدرك للكليات، لكن لما يثبتها أهل الشرع تسمح فيها، "أو يكون حبه لذلك لموافقته له" أي: لملائمته وموافقة طبعه "من جهة إحسانه" إنعامه وبذله وجوده "إليه". وفي نسخة له، أي: لأجل ذلك، فقوله: "وإنعامه عليه" عطف تفسير، "فقد جبلت" خلقت وطبعت "القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها" كما رواه أبو نعيم