ولذا كانت شريعته صلى الله عليه وسلم آخر الشرائع، وهذا تعليل لحفظه من تصور الشيطان بصورة ملك، فيكون ما يلقيه تخليطًا قابلًا، ولذا عقبه بقوله: وأما قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} عطف عام على خاص، فيفيد أن المراد بالإرسال الإيحاء، وفائدة ذكره النبي غير الرسول، لا سيما من لا أتباع له أن كل نبي يجب عليه إعلام غيره بأنه نبي، لئلا يحتقر وحينئذٍ فيتطرق لسماع تلاوته ووعظه فيلقي الشيطان ذلك للتلبيس {إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: ٥٢] فظاهره أن الشيطان يخلط عليهم الوحي عند التلاوة، فيخالف ما قبله. وأجيب عن ذلك بأجوبة "فأحسن ما قيل فيها ما عليه جمهور المفسرين" أي: اكثرهم "أن التمني المراد به هنا التلاوة" كقول حسان: تمنى كتاب الله أول ليلة ... تمنى داود الزبور على رسل ومنه قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: ٧٨] ، أي: تلاوة وليس تمنى هنا تفعل من منى قدر، كقوله: لا تأمنن وإن أمسيت في حرم ... حتى تلاقي ما يمني لك الماني