ولذا قال له جبريل لما سأله عنها: إن الله تعالى أمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، فهذا من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، لا من شي تسببه، فالغضب على الجاهل، وجزاؤه بمثل فعله تأديبًا له، لا بعد من نزغ الشيطان والاستعاذة مشروعة عند الغضب، فليست الآية منسوخة بآية القتال، كما قيل: "والنزغ أدنى": أقل "حركة تكون"، توجد "كما قاله الزجاج". وفي الأنوار: النزغ والنسغ والنخس الغرز، شبه وسوسته الناس إغراء لهم على المعاصي وإزعاجًا بغرز السائق ما يسوقه، وقيل: النزغ في الآية الإفساد، فأصل معناه الطعن، ثم شاع استعماله في كل مفسد، كقوله: من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي، أي: أفسد ما بيني وبينهم، وقيلك معناه يغرينك ويحركنك، والنزغ أدنى الوسوسة، "فأمره الله أنه متى يحرك عليه غضب على عدوه" لسوء ما وقع منه "أو رام الشيطان من إغرائه" "بغين معجمة" وراء، أي: إيقاعه "به" كحثه على قتله وقراءته"، بغين وزاي" معجمتين تصحيف، "وخواطر أدنى" أقل "وساوسه": جمع وسواس، "ما لم يجعل له سبيل إليه"، لعصمته مفعول رام "أن يستعيذ به تعالى منه" فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجين، ولا يطيعه ويفعل بنزغه، "فيكفي أمره" بصرفه عنه "ويكون" ذلك "سبب تمام عصمته" لأنها من مجرد الخاطر نهاية الحفظ والمنع، إذ الخطور بالبال لا يصرفها، "إذ لم يسلط" الشيطان "عليه بأكثر من التعرض له" فضلًا عن التمكن منه وإيصال أذيته له "ولم يجعل له قدرة عليه" فيرجع خائبًا خاسرًا، "وكذلك لا يصح أن يتصور له الشيطان في صورة الملك" بأن يتمثل بمثاله، ويقول: أنا ملك، أرسلني الله إليك لحفظ الله تعالى له عنه "ويلبس" بزنة يخلط، ومعناه "عليه" أمره لا يقع ذلك "لا في أول الرسالة" أيك أول دعوة الخلق إلى الله "ولا بعدها" الظاهر بعده، أي: بعد الأول. وأسقط من عياض قوله: والاعتماد في ذلك دليل المعجزة أي: اعتماده في أن ذلك