للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدخل عليه الوهم والنسيان فيما تلاه، أو يدخل غير ذلك على أفهام السامعين من التحريف وسوء التأويل ما يزيله الله وينسخه ويكشف لبسه ويحكم آياته، قاله القاضي عياض، وقد تقدم في المقصد الأول مزيد ذلك.

قال في الشفاء: وأما قوله عليه الصلاة والسلام حين نام عن الصلاة يوم الوادي: "إن هذا وادٍ به شيطان" فليس فيه ذكر تسلطه عليه ولا وسوسته له، بل


أي: ما قدره لك المقدر، والتمني أمر يقدره المرء في نفسه، والظاهر تفسير التلاوة هنا بالقراءة لتشمل المواعظ والحكم، والأذكار والدعاء، فإن الشيطان كما يتسلط على قارئ القرآن يتسلط على الذاكر ونحوه وإن كانت القصة إنما كانت عند قراءته لسورة النجم التي هي سبب نزول {وَمَا أَرْسَلْنَا} الآية. كذا قال الشارح: ولا دخل في ذلك للاستظهار مع كون النص التمني، والأمنية المفسر بالتلاوة، فلا يقاس عليه غيره، وتعليله بتسلط الشطيان على الذاكر ونحوه من حيث هو لا ينهض هنا، كما لا يخفى، "و" أن "إلقاء" فنصبه عطفًا على التمني، وخفضه على ضمير به، أي: والمراد بإلقاء "الشيطان فيها" أي: أمنيته، أي: متلوه، "إشغاله" الذي في الشفاء شغله، بزنة ضرب وهي الفصحى.
قال تعالى: {شَغَلَتْنَا} [الفتح: ١١] ، لكن في القاموس شغله، كمنعه شغلًا، ويضم وأشغله لغة جيدة أو قليلة أو ردية، والمصدر مضاف للفاعل، أي: إشغال الشيطان التالي "بخواطر" أمور دنيوية تخطر على قلبه، فتشغله عما تلاه، "وأذكار" "بذال معجمة، جمع ذكر، بالكسر والضم"، أحاديث قلبية، فيساوي نسخة، وافكار "بالفاء" "من أمور الدنيا" بيان لهما ِ"للتالي" صفة الخواطر، وأذكار، أي: كائنة وعارضة، أو متعلق بأشغال "حتى يدخل" الشيطان "عليه الوهم"، بفهم غير المراد من المتلو "والنسيان" الواو بمعنى، أو "فيما تلاه" بناءً على جواز ذلك على الأنبياء، أما على الأصح من منعه، فيقال: حتى يدخل على إفهام السامعين، "أو يدخل" غير ذلك" الوهم والنسيان "على أفهام السامعين" وبين الغير، بقوله: "من التحريف" لما تلاه عليهم، "وسوء التأويل" الناشئ عن تحريف ما سمعوه، "ما يزيله الله" مفعول إلقاء، "وينسخه" يحوله من الباطل إلى الحق، "ويكشف لبسه": يزيله ويبينه، "ويحكم آياته": يحققها ويظهرها، "قاله القاضي عياض" في الشفاء.
وقد تقدم في المقصد الأول مزيد لذلك" بفرائد نفيسة، "قال في الشفاء" بعد هذا بقليل "وأما قوله عليه الصلاة والسلام حين نام عن الصلاة يوم الوادي"، لما عاد من خيبر أو من الحديبية أو بطريق تبوك روايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>