للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظالمين.

وأما قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: ٣] .

فليس بمعنى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ} [يونس: ٧] ، وإنما المعنى: لمن الغافلين عن قصة يوسف عليه السلام، إذ لم تخطر ببالك، ولم تقرع سمعك قط، فلم تعلمها إلا بوحينا.

وأما قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: ٢٠٠] الآية.

فمعناه: يستخفنك بغضب يحملك على ترك الإعراض عنهم.


[الأنعام: ٥٢] ، وما كان "طردهم عليه السلام" عن مجلسه، "وما كان من الظالمين" أي: ممن ظلمهم بطردهم، لأنه لم يقع منه ذلك.
روى ابن حبان والحاكم عن سعد بن أبي وقاص، قال: لقد نزلت هذه الآية في ستة، وأنا وعبد الله بن مسعود وأربعة، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اطردهم، فإن نستحي أن نكون تبعًا لك كهؤلاء، فوقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {وَلَا تَطْرُدِ} الآية إلى قوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٣] .
وفي حديث ابن مسعود عند أحمد، وغيره أن الاربعة خباب وصهيب وبلال وعمار، وإنما هم بذلك رجاء إسلام قومه، مع أن ذلك لا يضر أصحابه لعلمه بأحوالهم ورضاهم بما يرضاه.
وأما قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: ٣] ، "فليس بمعنى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا} أي: دلائل وحدانيتنا {غَافِلُونَ} [يونس: ٧] ، تاركون النظر فيها، لأنه صلى الله عليه وسلم معصوم عن هذه الغفلة، "وغنما المعنى لمن الغافلين عن قصة يوسف عليه السلام، إذ لم تخطر ببالك ولم تقرع سمعك قط، فلم تعلمها إلا بوحينا" والغفلة عن مثل ذلك مما لا يعلم إلا بالنقل لا نقص فيه، وفي التعبير بالغفلة إشارة إلى شدة استعداده للعلم بما لم يعلم، حتى كأنه كان عالمًا به ونسيه.
روى ابن جرير، عن ابن عباس، قال: قالوا: يا رسول الله لو قصصت علينا، فأنز الله {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} .
وروى ابن مردويه، عن ابن مسعود، مثله: وأما قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} من الشيطان الرجيم [الأعراف: ٢٠٠] ، مع عصمته من تسليطه عليه بأذية، أو وسوسة، وإن كانت أن الشرطية لا تقتضي الوقوع، "فمعناه يستخفنك بغضب، يحملك على

<<  <  ج: ص:  >  >>