للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال الإمام أحمد بن حنبل: فيمن أقسم بالنبي صلى الله عليه وسلم تنعقد يمينه وتجب الكفارة بالحنث، واحتج أحمد بكونه صلى الله عليه وسلم أحد ركني الشهادة.

قال ابن خويز منداد واستدل من جوز الحلف به عليه الصلاة والسلام بأن أيمان المسلمين جرت من عهده صلى الله عليه وسلم أن يحلفوا به صلى الله عليه وسلم حتى إن أهل المدينة إلى يومنا هذاإذا جاء صاحبه وقال له: احلف لي بحق صاحب هذا القبر، أو بحق ساكن هذا القبر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} الآية [البلد: ١، ٢] .


فذهب الأكثرون إلى حرمة الحلف بالنبي والكعبة، وكل معظم شرعا، وشهره بهرام في شامله، والأقلون إلى كراهة الحلف بذلك، وشهره التاج الفاكهاني.
وحجة كل قوله صلى الله عليه وسلم: فمن كان حالفا، فليحلف بالله، أو ليصمت، رواه الشيخان، ومحل الخلاف: إذا كان الحالف صادقا وإلا حرم اتفاقا، بل ربما يكون بالنبي كفرا.
"وقد قال الإمام أحمد بن حنبل: فيمن أقسم بالنبي صلى الله عليه وسلم تنعقد يمينه، وتجب الكفارة بالحنث"، ومذهب مالك والشافعي، والجمهور لا تنعقد ولا كفارة، "واحتج أحمد بكونه صلى الله عليه وسلم أحد ركني الشهادة" ولا حجة فيه، إذ لا يلزم منذلك انعقاد اليمين به، بل ولا جواز الحلف به، لا سيما مع النهي الصريح عنه صلى الله عليه وسلم.
"قال" أبو بكر محمد بن أحمد، المعروف بأنه "ابن خويز منداد" "بضم الخاء وكسر الزاي، وفتح الميم، وسكون النون ودالين بينهما ألف"، ويقال: خواز منداد، تفقه على الأبهري وله كتاب كبير في الخلاف، وكتاب في أصول الفقه، وكتاب في أحكام القرآن وعنده شواذ، عن مالك، وله اختيارات مخالفة للمذهب، ولم يكن بالجيد النظر، ولا قوي الفقه.
قال الباجي: لم أسمع له في علماء العراق ذكرا، وكان يجانب الكلام، وينافر أهله حتى يؤدي ذلك إلى منافرة المتكلمين من أهل السنة، ويحكم على جميعهم بأنهم من أهل الأهواء، قاله في الديباج، "واستدل من جوز الحلف به عليه الصلاة والسلام؛ بأن أيمان المسلمين جرت من عهده صلى الله عليه وسلم، أن يحلفوا به" وهذا بفرض تسليمه لا دلالة فيه على الجواز، إذ المختلف فيه لا يجب إنكاره، "حتى إن أهل المدينة إلى يومنا هذا، إذا جاء" من يريد التحليف "صاحبه" الذي يريد تحليفه، "وقال له: احلف" لي "بحق صاحب هذا القبر، أو بحق ساكن هذا القبر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم" كان ذلك عنده غاية في تغليظ اليمين.
"وقال تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: ١، ٢] ، من إقامة الظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>