"ورواه البغوي في تفسيره" من طريق أبي الجوزاء، عن ابن عباس، "بلفظ: وما أقسم الله بحياة أحد إلا بحياته صلى الله عليه وسلم، وما أقسم بحياة أحد غيره"، أتى به مع استفادته مما قبله، لاشتماله على النفي والاستثناء، فكأنه قال: أقسم بحياته لا بحياة غيره؛ لأن دلالته على النفي بالمفهوم، وبعض الأئمة، كالحنفية يجعله مسكوتًا عنه، فنفي ذلك بالتصريح به، "وذلك يدل على أنه أكرم خلق الله على الله"، وذلك بإجماع، والكرم صفة جامعة لكل خير وإن خصه العرب الطارئ الآن بالجود، فليس بمراد هنا وحده، "وعلى هذا فيكون قسمه تعالى بحياة محمد صلى الله عليه وسلم كلامًا معترضًا في قصة لوط" تسلية للمصطفى عن أذية قومه له، وهو واضح بجعل ضمير "إنهم" لقريش، أما على أنه لقوم لوط، فلا يظهر جعله اعتراضًا، إذ هو من جملة ما يتعلق بقوم لوط. نعم. لا يمنع ذلك أن القسم بحياة المصطفى، فغايته أنه تأكيد لحيرة قوم لوط وعبر بالمضارع حكاية للحال الماضية، أو لتشبيه الماضي بالحال. "وقال القرطبي: وإذا أقسم الله بحياة نبيه، فإنما أراد بيان التصريح لنا انه يجوز لنا أن نحلف بحياته"، ولا دلالة فيه على ذلك، فإنما المراد التعظيم، والله تعالى له أن يقسم بما شاء، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ} ، والمقرر في مذهب القرطبي قولان مشهوران: