للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ثم قال المالكية والحنفية: تنعقد بها اليمين؛ لأن بقاء الله من صفات ذاته. وعن مالك: لا يعجبني الحلف بذلك. وقام الإمام الشافعي وإسحاق: لا يكون يمينًا إلا بالنية، وعن أحمد كالمذهبين، والراجح عند الشافعي.

واختلف فيمن المخاطب في الآية على قولين:

أحدهما: أن الملائكة قالت للوط عليه السلام -لما وعظ قومه وقال: هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} ، أي يتحيرون، فكيف يعقلون قولك، ويلتفتون إلى نصيحتك؟!

والثاني: أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه تعالى أقسم بحياته، وفي هذا


إلى شيخه الزجاج غبراهيم بن محمد البغدادي: "من قال لعمر الله، كأنه حلف ببقاء الله، فيحذف أحلف"، جواب سؤال، حاصله الحلف بالعمر، ظاهر في غيره تعالى؛ لأن الحياة القائمة به صفة لها غاية يعبر عنها عدة العمر، وأما سبحانه، فهو حي أزلًا وأبدًا، لا يقال في مدة حياته: إنها مقدرة بمدة حلف بها، فأجاب بصرف العمر في حقه تعالى للبقاء، وهو صفة له لا نهاية لها، "ومن ثم قال المالكية والحنفية: تنعقد بها اليمين؛ لأن بقاء الله من صفات ذاته" الثمانية، المنظومة في قوله:
حياة وعلم قدرة وإرادة ... وسمع وأبصار كلام مع البقا
"وعن مالك" رواية: "لا يعجبني الحلف بذلك" لظاهر حديث من كان حالفًا، فليحف بالله، "وقال الإمام: الشافعي وإسحاق" بن راهويه: "لا يكون يمينًا إلا بالنية"، لاستعمال الحياة في غيره كثيرًا، ورد بأنه مضاف لله تعالى، وتعقب هذا شيخنا؛ بأن صريح متن البهجة وشرحها أن صفاته تعالى تنعقد بها اليمين، نوى بها اليمين أو أطلق، "وعن أحمد" روايتان "كالمذهبين، والراجح عند، الشافعي" تنعقدان نواها، "واختلف فيمن المخاطب في الآية على قولين":
"أحدهما: أن الملائكة قالت للوط عليه السلام لما وعظ" ذكر وخوف "قومه، وقال: هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين" ما تريدون من قضاء الشهوة، فتزوجوهن، {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} ، أي: يتحيرون" لعمي بصائرهم، والعمه في البصيرة، والعمى في البصر، "فكيف يعقلون قولك ويلتفتون إلى نصيحتك" وقدم الكشاف ذا القول؛ لأنه المناسب عنده للسياق.
"والثاني: أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه تعالى أقسم بحياته"، وقدمه البيضاوي. وقال عياض: اتفق عليه أهل التفسير، ومراده أهله الذين هم أهله، وهم مفسرو السلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>