للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُون} [الحجر: ٧٢] .

العمر والعمر واحد، ولكنه في القسم يفتح للكثرة الاستعمال، فإذا أقسموا قالوا: لعمرك القسم.

قال النحويون: ارتفع قوله: لعمرك بالابتداء، والخبر محذوف، والمعنى، قسمي، فحذف الخبر؛ لأن في الكلام دليلًا عليه, وباب القسم يحذف منه الفعل نحو: تالله لأفعلن، والمعنى: أحلف بالله، فتحذف "أحلف" لعلم المخاطب بأنه حالف.

قال الزجاجي: من قال: لعمر الله كأنه حلف ببقاء الله فيحذف أحلف،


بحياته، القائمين به في الزمن الذي كان فيه، أو ببقائه حقيقة، أو حكمًا، فشمل هذا الزمن "وعصره وبلده" قدم العصر؛ لأن المواهب الخاصة وأنواع الاهتداء إنما نشأت عن عصره، لا عن خصوص البلد؛ ولأن زيادة تشريف البلد إنما حصلت في عصره، فالاعتناء به أهم، وآخره في الترتيب رعاية لترتيب المصحف، إذ سورة البلد مقدمة على العصر، فزعم بعض أن الصواب تقديم البلد على العصر، لتقدمه عليه في الترتيب ساقط، وأيضًا الواو لا تقتضي ترتيبًا ولا شرفًا، فلا يقال في مثله الصواب، بلا ولا الأنسب.
"قال الله تعالى: " {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ} " أي: قوم لوط " {لَفِي سَكْرَتِهِمْ} " غفلتهم، وغلبة الهوى والشهوة عليهم، حتى صاروا سكارى، لا يميزون الخطأ من الصواب " {يَعْمَهُون} " [الحجر: ٧٢] ، يتحيرون لعمي بصائرهم، "العمر" بالفتح"، "والعمر" "بالضم" واحد، ولكنه في القسم يفتح" أي: يلزم الفتح، وإلا حسن لو عبر به "لكثرة الاستعمال" علة للفتح، أي: بمعنى أن الكثرة يطلب لها التخفيف، والفتح خفيف، فخصوه بالقسم وإن استعمل في غيره قليلًا، والضم أكثر، "فإذا أقسموا قالوا لعمرك" لأفعلن، ومنه الآية، وقوله: "القسم" خبر مبتدأ محذوف، أي: هو القسم، أو منصوب لجعله مقدرًا، وليس من جملة اليمين، والأظهر لو استغنى عنه، بقوله: "قال النحويون: ارتفع قوله: {لَعَمْرُكَ} ، بالابتداء، والخبر محذوف، والمعنى قسمي" فسد جواب القسم مسد الخبر، "فحذف الخبر؛ لأن في الكلام دليلًا عليه" لسد جواب القسم مسده، "وباب القسم يحذف منه الفعل نحو تالله لأفعلن، والمعنى أحلف بالله، فتحذف أحلف لعلم المخاطب" بأنه حالف" من ذكر القسم.
"قال الزجاجي" "بفتح الزاي وشد الجيم" أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق، صاحب الجمل والأمالي وغير ذلك، مات بطبرية سنة تسع وثلاثين وقيل: سنة أربعين وثلاثمائة، نسبة

<<  <  ج: ص:  >  >>