واختلف في الكتاب بعد الاتفاق على أن المكون المصون، كما قال ابن عطية: "فقيل: المراد بـ"الكتاب" اللوح المحفوظ". "قال ابن القيم: والصحيح أنه الكتاب الذي بأيدي الملائكة، وهو المذكور في قوله": {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَه} ، " {فِي صُحُفٍ} خبر ثان؛ لأنها وما قبله اعتراض {مُكَرَّمَةٍ} عند الله، " {مَرْفُوعَةٍ} " في السماء، " {مُطَهَّرَةٍ} " منزهة عنه مس الشياطين، " {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ"} ، كتبه، ينسخونها من اللوح المحفوظ، " {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} " مطيعين لله وهم الملائكة. "قال مالك" الإمام: "أحسن ما سمعت في هذه" الآية في كتاب مكنون، "إنها مثل الذي في" صورة عبس، استدلال لما صححه. "قال" ابن القيم: "ومن المفسرين من قال: إن المراد أن المصحف لا يمسه إلا طاهر" من الحديث، "والأول أرجح" عند غيره، يعني اللوح المحفوظ، إذ هو الأول في كلامه، ولا يخالفه قوله في الثاني؛ أنه الصحيح؛ لأنه عند نفسه، ويؤيد ذلك قول ابن القيم الخامس، أي: من التراجيح؛ أن وصفه بكونه مكنونًا نظير وصفه بكونه محفوظًا، فقوله: {لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} ، كقوله: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} ، الآية؛ "لأن الآية سيقت تنزيهًا للقرآن أن تتنزل به الشياطين، وأن محله لا تصل إليه، كما قال تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ} " بالقرآن " {الشَّيَاطِينُ، وَمَا يَنْبَغِي} " بصلح " {لَهُمْ} " أن ينزلوا به، " {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} " ذلك، والقرآن يفسر بعضه بعضًا، فترجح كون المراد ما بأيدي الملائكة. "وأيضًا فإن قوله: {لَا يَمَسُّه} بالرفع، فهذا خبر لفظًا ومعنى، ولو كان نهيًا لكان مفتوحًا،