للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كذبه وحريمهم وأموالهم، فكيف يليق بأحكم الحاكمين وأقدر القادرين أن يقر على ذلك، بل كيف يليق به أن يؤيده وينصره ويعليه ويظهره ويظفره بهم، بسفك دماءهم ويستبيح أموالهم وأولادهم ونساءهم قائلًا: إن الله أمرني بذلك، وأباحه لي؟ بل كيف يليق به أن يصدقه بأنواع التصديق كلها، فيصدقه بإقراره، وبالآيات المستلزمة لصدقه، ثم يصدقه بأنواعها كلها على اختلافها، فكل آية على انفرادها مصدقة له، ثم يقيم الدلالة القاطعة على أن هذا قوله وكلامه، فيشده له بإقراره وفعله وقوله، فمن أعظم المحال وأبطل الباطل، وأبين البهتان أن يجوز على أحكم الحاكمين أن يفعل ذلك.

والمراد بالرسول الكريم هنا محمد صلى الله عليه وسلم -كما قدمته-؛ لأنه لما قال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم} ذكره بعده "إنه ليس بقول شاعر ولا كاهن" والمشركون ما كانوا يصفون جبريل عليه السلام بالشعر والكهانة.


وأقدر القادرين أن يقر على ذلك" لا فهو استفهام بمعنى النفي، "بل" إضراب انتقالي لا إبطالي، "كيف يليق به أن يؤيده وينصره ويعليه ويظهره ويظفره بهم" أي: المكذبين له "بسفك دماءهم ويستبيح أموالهم وأولادهم ونساءهم قائلًا: إن الله أمرني بذلك، وأباحه لي" استفهام بمعنى النفي أيضًا: أي: لا يكون ذلك، "بل" للإضراب الانتقالي أيضًا، "كيف يليق به أن يصدقه بأنواع التصديق كلها، فيصدقه بإقراره" على ما فعله فيهم من سفك دمهم وغيره، "وبالآيات" المعجزات، "المستلزمة لصدقه،
ثم يصدقه بأنواعها كلها على اختلافها، فكل آية" علامة ومعجزة "على انفرادها مصدقة له، ثم يقيم الدلالة القاطعة على أن هذا قوله وكلامه، فيشهد له بإقراره وفعله وقوله، فمن أعظم المحال وأبطل الباطل، وأبين البهتان" أي: افتراء الكذب، "أن يجوز على أحكم الحاكمين أن يفعل ذلك" ففي ذلك كله أبين الدلالة على صدقه صلى الله عليه وسلم، "والمراد بالرسول الكريم هنا محمد صلى الله عليه وسلم" في قول جماعة من أهل التفسير، "كما قدمته" في الآية التي قبل هذه، وأضيف إليه؛ لأنه بلغه، وقال جماعة منهم: هو جبريل، والأول أصح؛ "لأنه لما قال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم} ذكره بعده "إنه ليس بقول شاعر ولا كاهن" والمشركون ما كانوا يصفون جبريل عليه السلام بالشعر والكهانة، وأجيب بأنه يصح إرادة جبريل من حيث إن المشركين كانوا يصفون القول نفسه بأنه شعر وكهانة وإن لم يلحظوا قائله.
قيل: ذكر الإيمان مع نفي الشاعرية، والتذكير مع نفي الكاهنية؛ لأن عدم مشابهة القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>