"ويدخل في ذلك الملائكة كلهم والجن والإنس والعرش والكرسي واللوح والقلم، وكل مخلوق" وحيث شمل ذلك كله، فالحمل عليه أولى من الحمل على بعضه، فقيل: الدنيا والآخرة، أو ما على ظهر الأرض وبطنها، أو الأجساد، والأرواح، أو الإنس والجن، أو الخلق والخالق، أو النعم الظاهرة والباطنة، أو ما أظهره الله من مكنون غيبه، واللوح والقلم، وجميع خلقه، وما لا تبصرون ما استأثر بعلمه، فلم يطلع عليه أحدًا من خلقه، "وذلك كله من آيات قدرته وربوبيته، ففي ضمن هذا القسم أن كل ما يرى وما لا يرى آية ودليل على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قد يتوقف فيه بأن كثيرًا من المخلوقات ليس فيه دلالة على ذلك، كذات السماء مثلًا، اللهم إلا أن يقال: الأقسام بها دليل عظمتها، وكمالها، ففيها دلالة على صدق المصطفى من حيث الأخبار عن الله أنه إنما خلق السماوات وغيرها لأجله صلى الله عليه وسلم، أو أن الأقسام بكل واحدة منها من حيث تعلق الأقسام به يثبت صدقه فيما جاء به، "وأن ما جاء به هو من عند الله تعالى وهو كلامه تعالى، لا لام شاعر ولا مجنون ولا كاهن" كما زعموا، "وأنه حق ثابت كما أن سائر الموجودات ما يرى منها وما لا يرى حق، كما قال"، أي: ونظير ذلك قوله تعالى: " {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ} " أي: ما توعدونه " {لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} " [الذاريات: ٢٣] ، يرفع مثل صفة، وما زائدة، وبفتح اللام مركبة مع ما المعنى مثل نطقكم في حقيته، أي: معلوميته عندكم ضرورة صدوره عنكم، فوجه التنظير بهذه الآية، أنه أقسم برب السماء والأرض على أن ما توعدوه حق، كما أن نطقكم الذي تأتون به حق لا تشكون فيه، "فكأنه سبحانه وتعالى يقول: إنه" أي: "القرآن" الذي رجع إليه ضمير إنه لقول رسول كريم "حق كما أن ما تشاهدونه من الخلق وما لا تشاهدونه حق موجود"، فلا وجه للإنكار، "ويكفي الإنسان من"، كذا في بعض النسخ الصحيحة من التي للبدل، وهو الصواب