للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قراءة من قرأ بظنين بالظاء فمعناه: المتهم، يقال: ظننت زيدًا بمعنى اتهمته وليس هو من الظن الذي هو الشعور والإدراك، فإن ذلك يتعدى إلى مفعولين، والمعنى: وما هذا الرسول على القرآن بمتهم، بل هو أمين فيه لايزيد فيه ولا ينقص منه.

وهذا يدل على أن الضمير فيه يرجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد تقدم وصف الرسول الملكي بالأمانة ثم قال: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُون} ثم قال: وما هو: أي وما صاحبكم بمتهم ولا بخيل فنفي سبحانه عن رسوله صلى الله عليه وسلم ذلك كله، وزكى سند القرآن أعظم تزكية، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

وقال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ، وَمَا لَا تُبْصِرُونَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: ٣٨] . أقسم تعالى بالأشياء، ما يبصر منها وما لا يبصر، وهذا أعم قسم وقع في القرآن، فإنه يعم العلويات والسفليات، والدنيا والآخرة، وما يرى وما


"وأما قراءة من قرأ بظنين بالظاء" كأبي عمرو، والكسائي، وابن كثير: "فمعناه: المتهم، يقال: ظننت زيدًا بمعنى اتهمته" فيتعدى إلى مفعول واحد، "وليس هو من الظن الذي هو الشعور والإدراك، فإن ذلك يتعدى إلى مفعولين"، كظننت زيدًا قائمًا، "والمعنى: وما هذا الرسو على القرآن بمتهم" فالنفي فيه، كالنفي في لا ريب فيه، "بل هو أمين فيه لايزيد فيه ولا ينقص منه، وهذا يدل على أن الضمير فيه"، أي: قوله هو "يرجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد تقدم وصف الرسول الملكي" جبريل "بالأمانة ثم قال: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُون} " يعني محمدًا بإجماع، "ثم قال: وما هو: أي وما صاحبكم بمتهم ولا بخيل" على القراءتين.
ورجح أبو عبيدة قراءة الظاء مشالة بأن قريشًا لم تبخل محمدًا صلى الله عليه وسلم، وإنما كذبته، "فنفى سبحانه عن رسوله صلى الله عليه وسلم ذلك كله، وزكى سند القرآن أعظم تزكية" فلا يطلب بعد تزكية الله تزكية؛ لأنها أعظمها، "والله يقول الحق" ماله حقيقة عينية مطابقة له الآية، "وهو يهدي السبيل" سبيل الحق، "وقال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ} "، تشاهدون بالبصر " {وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} المغيبات {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} " [الحاقة: ٣٨] ، "أقسم تعالى" تصريح بأن لا زائدة للتأكيد، قيل: نافية، أي: لا أقسم بذلك، وإن كان يستحق أن يقسم به لوضوح الأمر عن الاحتياج إلى قسم واستغنائه عن التحقيق بالقسم، وقيل: فلا رد لما تقدم من أقوال الكفار، واستأنف أقسم وقرأ الحسن، فلا قسم بلام القسم "بالأشياء، ما يبصر منها وما لا يبصر، وهذا أعم قسم وقع في القرآن، فإنه يعم العلويات والسفليات، والدنيا والآخرة، وما يرى وما

<<  <  ج: ص:  >  >>