للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصل الإيمان لا يتم إلا باعتقادها، ومن أنكرها كفر قطعًا، وأما رؤيته لربه تعالى فغايتها أن تكون مسألة نزاع لا يكفر جاحدها بالاتفاق. وقد صرح جماعة من الصحابة بأنه لم يره، فنحن إلى تقرير رؤيته لجبريل أحوج منا إلى تقرير رؤيته لربه تعالى، وإن كانت رؤية الرب سبحانه وتعالى أعظم من رؤية جبريل، فإن النبوة لا تتوقف عليها البتة.

ثم نزه سبحانه وتعالى رسوليه كليهما صلى الله عليهما وسلم، أحدهما بطريق النطق، والثاني بطريق اللزوم عما يضاد مقصود الرسالة من الكتمان الذي هو الضنة والبخل والتبديل والتغيير الذي يوجب التهمة، فقال: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} فإن الرسالة لا يتم مقصودها إلا بأمرين: إذاعتها من غير كتمان وأدائها على وجهها من غير زيادة ولا نقصان.


لا يتم إلا باعتقادها، ومن أنكرها كفر قطعًا" لجحده ما انبنى عليه الإيمان، "وأما رؤيته لربه تعالى فغايتها أن تكون مسألة نزاع" خلاف بين العلماء من الصحابة، فمن بعدهم "لا يكفر جاحدها بالاتفاق. وقد صرح جماعة من الصحابة بأنه لم يره، فنحن إلى تقرير" إثبات " رؤيته لجبريل أحوج منا إلى تقرير رؤيته لربه تعالى، وإن كانت رؤية الرب سبحانه وتعالى أعظم من رؤية جبريل، فإن النبوة لا تتوقف عليها البتة"، بقطع الهمزة، وقد ضعف أيضًا كون ضمير رآه لله تعالى؛ بأنه قول غريب، لم ينقل عن أ؛ د ممن يعتمد عليه، ويأباه كل الآباء قوله: {بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} ، سواء كان نواحي السماء، أو حيث تطلع الشمس، إذ لم يقل أحد أنه رأى ربه بالأفق، وأجيب بأن رؤيته بالأفق كاستوى على العرش، والمراد بالأفق الذي فوق السماء السابعة، أو المراد به المنزلة العالية، كما أشار إليه الإمام الرازي.
وقولهم: لم يقل به أحد يرده أنه روى عن ابن مسعود، "ثم نزه سبحانه وتعالى رسوليه كليهما صلى الله عليهما وسلم، أحدهما بطريق النطق، والثاني بطريق اللزوم"، إذ يلزم من نفيه عن أحدهما صريحًا، نفيه عن الآخر؛ لأنه تلقاه منه أو عنه "عما يضاد" يخالف "مقصود الرسالة من الكتمان الذي هو الضنة" "بكسر المعجمة وشد النون"، "والبخل" تفسير، "والتبديل والتغيير الذي يوجب التهمة، فقال: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} "، أي: ما غاب عن الحس الذي أخبر به، أو ما هو وسائر الأنبياء على أخبار الغيب، فيشمل الذات والصفات والقرآن ويستدل به على غيره أو المراد ما غاب عن علمكم فيشمل أخباره عن المشاهد، والغائب "فإن الرسالة لا يتم مقصودها إلا بأمرين: إذاعتها من غير كتمان، وأدائها وأدائها على وجهها من غير زيادة ولا نقصان"،

<<  <  ج: ص:  >  >>