للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوط على قوادم جناحه حتى سمع أهل السماء نباح كلابها وأصوات بنيها.

{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} أي: متمكن المنزلة، وهذه العندية عندية الإكرام والتشريف والتعظيم.

مطاع، في ملائكة الله تعالى المقربين، يصدرون عن أمره ويرجعون إلى رأيه، ثم أمين على وحي الله ورسالته، فقد عصمه الله من الخيانة والزلل.


اتصلت به الأبنية واتخذ قرارًا، ويقع على المدن وغيرها، والجمع قرى على غير قياس، أي: جمع التكسير، والتصحيح قريات "قوم لوط على قوادم جناحه" وهي أربع أو عشر ريشات في مقدم الجناح الواحدة، قادمة، كما في القاموس "حتى سمع أهل السماء نباح كلابها" "بضم النون" أصواتها "وأصوات بنيها" وصياح ديكاتها، ثم قلبها عليهم.
روى ابن عساكر عن معاوية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: "ما أحسن ما أثنى عليك ربك {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} ، ما كانت قوتك وما كانت أمانتك، قال: أما قوتي فإني بعثت إلى مدائن قوم لوط، وهي أربع مدائن، وفي كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل، سوى الذرارين فحملتها من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماء أصوات الدجاج ونباح الكلاب، ثم هويت بهن، فقلبتهن، وأما أمانتي، فلم أومر بشيء فعدوته إلى غيره".
وقال: محمد بن السائب الكلبي: من قوة جبريل أنه اقتلع مدائن قوم لوط من الماء الأسود، فحملها على جناحه حتى رفعها إلى السماء، حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم وصياح ديكتهم، ثم قلبها، ومن قوته أيضا أنه أبصر إبليس يكلم عيسى ابن مريم على بعض عقاب الأرض المقدسة، فنفخه بجناحه نفخة ألقاه بأقصى جبل الهند، ومن قوته أيضًا: صيحته بثمود في عددهم وكثرتهم، فأصبحوا جاثمين خامدين، ومن قوته أيضًا: هبوطه من السماء على الأنبياء، وصعوده في أسرع من طرفة عين {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} الآية، اختلف في تعلق عند ذي العرش، فقيل: متعلق بما قبله، وقيل: متعلق بمكين، "أي: متمكن المنزلة" أيك عظم مبجل، رفيع المقدار عنده، "وهذه العندية عندية الإكرام والتشريف والتعظيم" لاستحالة الحقيقة في الله تعالى: "مطاع في ملائكة الله تعالى المقربين، يصدرون عن أمره ويرجعون إلى رأيه، ثم" بفتح المثلثة وشد الميم، اسم إشارة للمكان بمعنى هناك، أي: في السماء، كما دل عليه قوله عند ذي العرش، وإشارة البعيد والمقام، ونحوه قول الكشاف: مطاع عند ذي العرش في ملائكته، ويجوز تعلقه بقوله: "أمين" أو بهما "على وحي الله ورسالته" وخصه بذلك؛ لأن المقام يقتضيه، وهو مؤتمن عليه وعلى غيره.
ولذا فسر بمقبول القول، مصدق فيما يقول: "فقد عصمه الله من الخيانة والزلل، فهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>