وقال ابن مسعود، والنخعي، وجابر بن زيد، وجماعة: المراد بالخنس الجوار الكنس: بقر الوحش؛ لأنها تفعل هذه الأفعال في كناسها، وهي المواضع التي تأوي إليها من الشجر والغيران ونحوه. وقال ابن عباس والحسن أيضًا والضحاك: هي الظباء، وذهب هؤلاء في الخنس إلى أنه صفة لازمة؛ لأنه يلزمها الخنس، وكذا في بقر الوحش أيضًا. انتهى. "وبانصرام الليل"، أي: ذهابه المفهوم من قوله: إذا عسعس، "وبإقبال النهار عقيبه" "بالياء لغة" في عقب "من غير فصل"، المفهوم من قوله: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّس} [التكوير: ١٨] . قال ابن عطية: عسعس الليل في اللغة إذا كان غير مستحكم الظلام، فقال الحسن: ذلك وقت إقباله، وبه وقع القسم، وقال زيد بن أسلم، وابن عباس، وعلي، ومجاهد، وقتادة: ذلك عند إدباره، وبه وقع القسم، ويرجع هذا قوله بعد {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّس} ، فكأنهما حالان، ويشهد له قول علقمة: حتى إذا الصبح لها تنفسا ... وانجاب عنها ليلها وعسعسا وقال المبرد: أقسم بإقبال الليل ودباره معًا، قال الخليل: يقال: عسعس الليل، وسعسع إذا أقبل وأدبر وتنفس الصبح، استطاروا تسع ضوؤه، قال علوان بن قيس: وليل دجوجي تنفس فجره ... لهم بعد ما خالوه لن يتنفسا "فذكر سبحانه حالة ضعف هذا" أي: الليل "وإدباره" من حيث إنه لا يهتدى فيه إلى المصالح الدنيوية، وليس محلًا للسعي والتردد، "وحالة قوة هذا" أي: الصبح، "وإقباله يطرد ظلمة الليل بتنفسه، فكلما تنفس"، أي: زاد نوره "هرب الليل وأدبر بين يديه"، وفي تنفسه قولان: أحدهما: أن في إقبال الصبح روحًا ونسيمًا، فجعل ذلك نفسًا على المجاز الثاني؛ أنه شبه الليل بالمكروب، المحزون، فإذا جعل له التنفس وجد راحة، فكأنه يخلص من الحزن، فعبر عنه بالتنفس، فهو استعارة لطيفة، كما في الخازن، "وذلك من آياته ودلائل ربوبيته" ولذا أقسم به "أن القرآن قول" معمول أقسم، تفسير للضمير في {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} وقول بمعنى مقول، ورسول بمعنى مرسل. قال ابن عطية: وكريم صفة تقتضي وقع المرام، "وهو هنا جبريل" عند جمهور المتأولين.