للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلنا: إن المراد بها القرآن فهو استدلال بمعجزته صلى الله عليه وسلم على صدقه وبراءته، وأنه ما ضل ولا غوى، وإن قلنا: المراد به النبات، فالنبات به نبات القوى الجسمانية وصلاحها، والقوى العقلية أولى بالصلاح، وذلك بالرسل وإيضاح السبل.

وتأمل كيف قال الله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم} ولم يقل: محمد، تأكيدًا لإقامة الحجة عليهم بأنه صاحبهم، وهو أعلم الخلق به وبحاله وأقواله وأعماله، وأنهم لا يعرفونه بكذب ولا غي ولا ضلال، ولا ينقمون عليه أمرًا واحدًا قط، وقد نبه تعالى على هذا المعنى بقوله عز وجل: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُم} [المؤمنون: ٦٩] .

ثم نزه نطق رسوله صلى الله عليه وسلم عن أن يصدر عن هوى فقال تعالى: {وَمَا يَنْطِق


الشرك والأمراض القلبية" وأدركت الثمار الحكمية، والحكمية هذا بقية المناسبة التي أبداها الإمام الرازي، "وإن قلنا: أن المراد بها القرآن، فهو استدلال بمعجزته صلى الله عليه وسلم على صدقه وبراءته، وأنه ما ضل ولا غوى".
زاد الرازي: فهو كقوله: {يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، "وإن قلنا: المراد به النبات فالنبات به نبات، القوى الجسمانية" أي: المتعلقة بالجسم "بكسر الجيم"، وهو كل شخص مدرك، وقال أبو زيد: الجسم الجسد، "و" به "صلاحها والقوى العقلية"، وهي الصفة التي يميز بها الإنسان الحسن من القبيح، "أولى": أحق "بالصلاح، وذلك بالرسل وإيضاح السبل"، وبعد أن أبدى الرازي هذه المناسبات، قال: ومن هذا يظهر أن المختار هو النجوم التي في السماء؛ لأنه أظهر عند السامع، وقوله: إذا هوى دال عليه، ثم بعده القرآن لما فيه من الظهور، ثم الثريا، "وتأمل كيف، قال الله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم} ولم يقل محمد تأكيدًا لإقامة الحجة عليهم؛ بأنه صاحبكم" الذي نشأ بين ظهرانيهم، "وهم أعلم الخلق به، وبحاله وأقواله وأعماله، وأنهم لا يعرفونه بكذب، ولا غي، ولا ضلال، ولا ينقمون" "بكسر القاف وفتحها"، لا يعيبون "عليه أمرًا واحدًا قط، وقد نبه تعالى على هذا المعنى، بقوله عز وجل: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: ٦٨] الآية، {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ} بالأمانة والصدق وحسن الخلق، وكمال العلم مع عدم التعلم، والاستفهام للتقرير بالحق من صدق النبي، ومجيء الرسل للأمم الماضية، ومعرفة رسولهم بما ذكر، فهم له، منكرون دعواه لأحد هذه الوجوه، إذ لا وجه له غيرها، فإن إنكار الشيء قطعًا أو ظنًا إنما يتجه إذا ظهر امتناعه بحسب النوع، أو الشخص، أو بحسب ما يدل عليه أقصى ما يمكن، فلم يوجد، "ثم نزه نطق رسوله صلى الله عليه وسلم عن أن يصدر عن هوى" بالقصر المحبة في

<<  <  ج: ص:  >  >>