للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس بالبيت تخصيص هذا القسم بالثريا وحدها إذا غابت.

وليس بالبيت أيضًا القسم بالنجوم عند انتشارها يوم القيامة. بل هذا مما يقسم الرب عليه، ويدل عليه بآياته، فلا يجعله نفسه دليلًا لعدم ظهوره للمخاطبين ولا سيما منكرو البعث، فإنه تعالى إنما يستدل بما لا يمكن جحده ولا المكابرة فيه، ثم إنه بين المقسم به والمقسم عليه من المناسبة ما لا يخفى.

فإن قلنا: إن المراد النجوم التي للاهتداء فالمناسبة ظاهرة، وإن قلنا: إن المراد الثريا؛ فلأنه أظهر النجوم عند الرائي؛ لأنه لا يشتبه بغيره في السماء، وهو ظاهر لكل أحد، والنبي صلى الله عليه وسلم تميز عن الكل بما منح من الآيات البينات؛ ولأن الثريا إذا ظهرت من المشرق حان إدراك الثمار، وإذا ظهرت من المغرب قرب أوان الخريف فتقل الأمراض، والنبي صلى الله عليه وسلم لما ظهر قل الشرك والأمراض القلبية.


عليه" بل قال ابن عطي: إنه تحامل على اللغة مع بعده، "وليس بالبين" أيضًا "تخصيص هذا القسم بالثريا وحدها إذا غابت"؛ لأنه تخصيص بلا مخصص، لكن فيه أن العرب إذا أطلقت النجم، تعني الثريا والقرآن، وأراد بلغتهم، فهو وجه التخصيص، "وليس بالبين أيضًا القسم بالنجوم عند انتشارها" تساقطها متفرقة "يوم القيامة، بل هذا مما يقسم الرب عليه" لا به، "ويدل عليه بآياته، فلا يجعله نفسه دليلًا لعدم ظهوره للمخاطبين، ولا سيما منكرو البعث، فإنه تعالى إنما يستدل بما لا يمكن جحده ولا المكابرة فيه" فيذكر الدليل لمن هو بصدد الإنكار.
قال ابن كثير: وهذا القول له اتجاه، "ثم إنه بين المقسم به والمقسم عليه من المناسبة ما لا يخفى" كلام مستأنف غرضه، به توجه الأقوال التي أسلفها، وإن استظهر واحدًا منها واستبعد غيره، "فإن قلنا: أن المراد النجوم التي للاهتداء، فالمناسبة ظاهرة"؛ لأنه يهتدى بها في معرفة الطرقات وغيرها.
وبالمصطفى من ظلمات الجهل ومعرفة الحق من الباطل، فأقسم بها لما بينهما من المناسبة والمشابهة، قال الرازي: "وإن قلنا أن المراد الثريا؛ فلأنه أظهر النجوم عند الرائي؛ لأنه" لكونه له علامة "لا يشتبه بغيره في السماء، وهو ظاهر لكل أحد، والنبي صلى الله عليه وسلم تميز عن الكل بما منح" أي: أعطي "من الآيات البينات" فأقسم به؛ "ولأن الثريا إذا ظهرت من" جهة "المشرق" وقت الفجر، "حان" أي: قرب "إدراك الثمار" أي: طيبها، "وإذا ظهرت من المغرب قرب أوان الخريف، فتقل الأمراض" معناه إنها تظهر بعيد الغروب، بحيث يكون ابتداء ظهورها بين المغرب والعشاء، وتستمر ظاهرة إلى الفجر، "والنبي صلى الله عليه وسلم لما ظهر قل

<<  <  ج: ص:  >  >>