"وإنما كان يوسف عليه السلام في السماء الثالثة؛ لأن على حسنه تدخل أمة النبي -صلى الله عليه وسلم- الجنة"، وهي ثالث دورها، الدنيا، فالبرزخ، فالجنة، فناسب كونه في الثالثة، "فأري له هناك لكي يكون ذلك بشارة له عليه السلام، فيسر بذلك"، وفي فتح الصفا: ويوسف في الثالثة، باعتبار أن جعله في خزائن الأرض كان مرتبة ثالثة له؛ لأنه بعد خروجه من السجن، وذلك بعد رفعه من الجب. "وإنما كان إدريس عليه السلام في السماء الرابعة؛ لأنه هناك توفي، ولم تكن له تربة في الأرض على ما ذكر" عن كعب الأحبار: أن الملك الموكل بالشمس، كان صديقًا لإدريس، فسأله أن يريه الجنة، فإذن الله له في ذلك، فرفعه فلما كان في السماء الرابعة رآه ملك الموت فعجب، وقال: أمرت أن أقبض روحه في السماء الرابعة، ققضبه. قال السهيلي: ولكون رفعه حيًا إلى ذلك المقام خاصا به، قال تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: ٥٧] ، فلا ينافي رؤيته إبراهيم وموسى في مكان أعلى منه، ومر عن الحافظ؛ أن هذا من الإسرائيليات، والله أعلم بصحته، وأن رفعه وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوية. وقال ابن المنير: اختلف في إدريس هل رفع إلى السماء بعد موته كغيره من الأنبياء، أو إنما رفع حيًا، وهو إلى الآن حي كعيسى، وجاء في القصص، أن إدريس أحبته الملائكة لكثرة عبادته، فسأل ملك الموت أن يذيقه الموت ليهون عليه، فأذاقه، ثم حيي، فسأل أن يورده الناء ليزداد رهبة، فأوردها، ثم أخرج، فسأل أن يدخل الجنة ليزيد رغبة، فأدخلها، فقيل له: اخرج، قال: لا يارب إني ذقت الموت ووردت النار ودخلت الجنة، وقد وعدت من دخلها على ذلك أن لا يخرج منها أبدًا، فأوحى الله إلى الخازن أن دعه، فبإذني فعل ما فعل، فبقي في الجنة في السماء الرابعة على هذا الوجه انتهى، فتأمله. "وإنما كان هارون عليه السلام في السماء الخامسة؛ لأنه ملازم لموسى عليه السلام،