"وبموسى على ما وقع له من معالجة قومه، وقد أشار إلى ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله": "لما آثر ناسًا ليؤلفهم في قسمة غنائم حنين"، فقال رجل: والله إن هذه قسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله، فتغير وجهه، ثم قال: فمن يعدل إن لم يعدل الله، ورسوله ثم قال: "لقد أوذي موسى بأكثر من هذا، فصبر"، رواه الشيخان. ولفظ السهيلي: ولقاؤه في السادسة لموسى يؤذن بحالة تشبه حالة موسى حين أمر بغزو الشام، فظهر على الجبابرة الذين كانوا فيها، وأدخل بني إسرائيل البلد الذي خرجوا منه بعد إهلاك عدوهم، وكذلك غزا -صلى الله عليه وسلم- تبوك من أرض الشام، وظهر على صاحب دومة الجندل حتى صالحه على الجزية بعد أن أتى به أسيرًا وافتتح مكة، ودخل أصحابه البلد الذي خرجوا منه. وقال ابن دحية: يؤذن لقاؤه له في السادسة بمعالجة قومه، فإن موسى ابتلي بمعالجة بني إسرائيل، والصبر على أذاهم، وما عالجة المصطفى في السنة السادسة: لم يعالج قبله ولا بعده مثله، ففيها افتتح خيبر وفدك وجميع حصون اليهود، وكتب الله عليهم الجلاء، وضربهم بسوط البلاء، وعالج -صلى الله عليه وسلم- في هذه السنة، كما عالج موسى من قومه، أراد أن يقيم الشريعة في الأرض المقدسة، وحمل قومه على ذلك، فتقاعدوا عنه، وقالوا: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا} ، وفي الآخر سجلوا بالقنوط: {إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا} ، فغضب الله عليهم، وحال بينهم وبينها، وأوقعهم في التيه، وكذلك أراد -صلى الله عليه وسلم- في السادسة أن يدخل بمن معه مكة، يقيم بها شريعة الله وسنة إبراهيم، فصدوه فلم يدخلها في هذا العام، فكان لقاؤه لموسى تنبيهًا على التأسي به، وجميل الأثر في السنة القابلة. "و" وقع التنبيه "بإبراهيم في استناده إلى البيت المعمور بما ختم الله له -صلى الله عليه وسلم- في آخر عمره في إقامة نسك الحج وتعظيم البيت الحرام" ولفظ الروض: ثم لقاؤه في السابعة لإبراهيم لحكمتين إحداهما: أن البيت المعمور بحيال الكعبة، وإليه تحج الملائكة، كما أن إبراهيم هو