قال المصنف في فتح مكة أي: الذين أطلقوا فلم يسترقوا، ولم يؤسروا، والطليق الأسير إذا أطلق، فتفسيره هنا بقوله، "أي: العتقاء": جمع عتيق بمعنى معتوق، فيه تجوز؛ لأن حقيقة العتيق من أزيل عنه الرق، وهؤلاء لم يسترقوا، لكن لما كان المصطفى متمكنا منه، ورفعه عنهم، شبههم بمن أزيل عنه الرق، وأطلق عليه اسمه، ثم هذا الذي ذكره المصنف إلى قوله: "اليوم يغفر"، هو ما ذكر في الفتح؛ أنه لخصه من السهيلي. وأما لفظه في الروض، فهو: وأما لقاؤه ليوسف في الثالثة، فيؤذن بحالة ثالثة تشبه حال يوسف، وذلك أنه ظفر بأخوته بعد إخراجه من بين ظهرانيهم، فصفح عنهم، وقال: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُم} [يوسف: ٩٢] ، وكذا نبينا أسر يوم بدر جملة من أقاربه الذين أخرجوه، فيهم عمه العباس، وابن عمه عقيل، فمنهم من أطلق، ومن من فدى، ثم ظهر عليهم عام الفتح، فقال: أقول، كما قال أخي يوسف: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُم} . انتهى. وال ابن دحية: مناسبة لقائه ليوسف في الثالثة، أن الثالثة من الهجرة اتفقت فيها غزوة أحد، وكانت على المسلمين، لم يصابوا بنازلة قبلها ولا بعدها مثلها، فإنها كانت وقعة أسف وحزن، وأهل التعبير يقولون: من رأى أحدًا اسمه يوسف، آذن ذلك من حيث الاشتقاق، ومن حيث قصة يوسف بأسف يناله. قال ابن دحية: فإن كان يوسف النبي، فالعاقبة حميدة والآخرة خير من الأولى، ومما اتفق في أحد من المناسبة شيوع قتل المصطفى، فناسب ما حصل للمسلمين من الأسف على فقد نبيهم، ما حصل ليعقوب من الأسف على يوسف، لاعتقاد أنه فقد إلى أن وجد ريحه بعد تطاول الأمد. ومن المناسبة أيضًا بين القصتين؛ أن يوسف كيف وألقي في غيابة الجب حتى أنقذه الله على يد من شاء.