وقال -صلى الله عليه وسلم: "ليبلغن ملك أمتي ما زوى لي منها"، واتفق في ذلك في زمن هشام بن عبد الملك، جيء إليه خراج الأرض شرقًا وغربًا، وكان إذا نشأت سحابة يقول: أمطري حيث شئت، فسيصل إلي خراجك "وبعيسى ويحيى على ما وقع له أول الهجرة"، وهي ثاني حاله له، والأولى بمكة "من عداوة اليهود وتماديهم" بالدال، أي: استمرارهم. وفي نسخ: تماليهم باللام، أي: تعاونهم أو اجتماعهم "على البغي عليه وإرادتهم وصول السوء إليه"، وهذا لفظ الفتح قائلًا: إنه لخصه من السهيلي، وهو محتاج لبيان، ولفظ السهيلي واضح، وهو: ثم رأى في الثانية عيسى ويحيى، وهما الممتحنان باليهود، أما عيسى، فكذبته اليهود وآذوه، وهموا بقتله، فرفعه الله، أما يحيى، فقتلوه، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد انتقاله إلى المدينة صار إلى حالة ثانية من الامتحان، وكانت محنته فيها باليهود آذوه، وظاهروه عليه، وهموا بإلقاء الصخرة عليه ليقتلوه، فنجاه الله، كما نجى عيسى، ثم سموه في الشاة، فلم تزل تلك الأكلة تعاوده حتى قطعت أبهره. وقال ابن دحية: كانت حالة عيسى ومقامته معالجة بني إسرائيل والصبر على معالجة اليهود وحيلهم ومكرهم، وطلب عيسى الانتصار عليهم بقوله: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه} ، أي: مع الله، قال الحواريون: نحن أنصار الله، فهذه كانت حالة نبينا صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية من الهجرة، ففيها طلب الأنصار إلى بدر العظمى، فأجابوه ونصروه، فلقاؤه لعيسى في السماء الثانية، تنبيه على أنه سيلقى مثل حاله ومقامه في السنة الثانية من الهجرة. "وبيوسف على ما وقع له مع أخوته، على ما وقع لنبينا -صلى الله عليه وسلم- من قريش": أقاربه، "من نصبهم الحرب له، وإرادتهم إهلاكه، وكانت العاقبة له، وقد أشار عليه السلام إلى ذلك يوم