للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبينا -صلى الله عليه وسلم- فمنهم من أدركه من أول وهلة، ومنهم من تأخر فلحقه، ومنهم من فاته.

وقيل: إشارة إلى ما سيقع له -صلى الله عليه وسلم- مع قومه، من مظير ما وقع لكل منهم:

فأما آدم عليه السلام فوقع التنبيه بما وقع له من الخروج من الجنة إلى الأرض، بما سيقع لنبينا -صلى الله عليه وسلم- من الهجرة إلى المدينة، والجامع بينهما ما حصل لكل منهما من المشقة، وكراهة فراق ما ألفه من الوطن، ثم كان عاقبة كل منهما أن يرجع إلى وطنه الذي خرج منه.


من فاته" على عرف الناس، إذا تلقوا الغئب مبتدرين للقائه، فلا بد غالبًا أن يسبق بعضهم بعضًا، ويصادف بعضهم اللقاء، ولا يصادف بعضهمن وإلى هذا أشار ابن بطال.
قال السهيلي: فلم يصنع شيئًا، انتهى لكن هذا الجواب لا يطابق سؤال المصنف إلا بتقدير مضاف، أي: لم كان انتظار هؤلاء لملاقاة النبي في السماوات، فحذف المضاف لفهمه من الجواب.
وفي فتح الباري اختلف في حكمة اختصاص كل منهم بالسماء التي التقاه بها، فقيل: ليظهر تفاضلهم في الدرجات، وقيل: لمناسبة تتعلق بالحكمة في الاقتصار على هؤلاء دون غيرهم من الأنبياء، فقيل: أمروا بملاقاته، فمنهم من أدركه من أول وهلة، ومنهم من تأخر فلحق، ومنهم من فاته، وهذا زيفه السهيلي، فأصاب، انتهى، فلو أتى المصنف بهذا كان أفيد مما ذكره، وأسلم من الإيراد.
"وقيل": الحكمة في الاقتصار على المذكورين، "إشارة إلى ما سيقع له -صلى الله عليه وسلم- مع قومه من نظير ما وقع لكل منهم"، ووجه الإشارة؛ أن رؤيته لصورهم كالفال، فتفسر رؤية كل واحد بما يشبه ما وقع له، فهو تنبيه على الحالات الخاصة بهم، وتمثيل بما سيقع للمصطفى مما اتفق لهم مما قصه الله عنهم في كتابه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحب الفأل الحسن، ويستدل به على حسن العاقبة، وبالضد من ذلك، والفأل في اليقظة نظير الرؤيا في المنام، وهل التعبير يقولون: من رأى نبيًا من الأنبياء بعينه في المنام، فإن رؤياه تؤذن بما يشبه من حال ذلك النبي من شدة أو رخاء أو غير ذلك من الأمور التي أخبر بها عن الأنبياء في القرآن والحديث، أشار إلى هذا ابن المنير وغيره.
"فأما آدم عليه السلام، فوقع التنبيه بما وقع له من الخروج من الجنة" التي كان فيها في أمن الله وجواره، "إلى الأرض بما سيقع لنبينا -صلى الله عليه وسلم- من الهجرة" من مكة، وهي حرم الله وأمنه، وقطانها جيران الله؛ لأن فيها بيته "إلى المدينة، والجامع بينهما ما حصل لكل منهما من المشقة، وكراهة فراق ما ألفه من الوطن، ثم كان عاقبة كل منهما أن يرجع إلى وطنه

<<  <  ج: ص:  >  >>