للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن إدريس الذي لقيه ليس هو الجد المشهور، ولكنه إلياس، فإن كان كذلك ارتفع الإشكال.

فإن قلت: لم يكن هؤلاء الانبياء عليهم الصلاة والسلام في السماوات دون غيرهم من الأنبياء؟

وما وجه اختصاص كل واحد منهم بسماء تخصه؟

ولم كان في السماء الثانية بخصوصها اثنان؟

أجيب عن الاقتصار على هؤلاء دون غيرهم من الأنبياء، بأنهم أمروا بملاقاة


الأعلى"، إذ هو سبط شيث، كما علم، وجد أبي نوح بن لمك "بفتح اللام وإسكان الميم وكاف"، ابن متوشلخ "بفتح الميم، وشد الفوقية مضمومة وسكون الواون وفتح المعجمة، واللام آخره معجمة"، ابن خنوخ، وهو إدريس، سمي به لكثرة درسه للحف؛ على أنه عربي مشق من الدراسة، وقيل: سرياني.
"وقيل: إن إدريس الذي لقيه ليس هو الحد المشهور، ولكنه إلياس" بن ياسين، سبط هارون أخي موسى، بعث بعده، ويسمى إدريس أيضًا؛ لأنه قرئ إدريس وإدراس مكان إلياس.
وفي البخاري، يذكر عن ابن مسعود، وابن عباس؛ أن إدريس هو إلياس، واختار هذا القول ابن العربي وتلميذه السهيلي، لحديث المعراج حيث سماه أخا، "فإن كان كذلك ارتفع الإشكال"، وإن كان هو الجد الأعلى، فيحمل على أخوة النبوة والإسلام؛ لأنها تجمع الوالد والولد، وإنما خص إبراهيم ونوح، وآدم بالأبوة لعرف خاص، كما يشتهر الإنسان بأحد أجداده دون من سواه من الأعلين والأدنين، كاشتهار محمد بن إدريس بالشافعي، نسبة إلى أحد أجداده شافع، وهكذا أسماء القبائل كلها، يشتهر واحد من طبقة الأجداد، فينسب إله الأولاد دون من فوقه وتحته، هذا بقية كلام ابن المنير.
"فإن قلت: لم كان هؤلاء الأنبياء" الثمانية، المذكورون في حديث مالك بن صعصعة: آدم فيحيى وعيسى، فيوسف، فإدريس، فهارون، فموسى، فإبراهيم "عليهم الصلاة والسلام في السماوات دون غيرهم من الأنبياء"، لعل المراد أنه إنما وجد هؤلاء دون غيرهم في السموات وإلا، فكونه مر على هؤلاء لا يلزم منه أن لا يكون فيها غيرهم، ولا يأتي نص بنفي كون غيرهم فيها.
"وما وجه اختصاص كل واحد منهم بسماء تخصه، ولم كن في السماء الثانية بخصوصها اثنان" يحيى وعيسى، "أجيب عن الاقتصار على هؤلاء دون غيرهم من الأنبياء بأنهم أمروا بملاقاة نبينا -صلى الله عليه وسلم- فمنهم من أدركه من أول وهلة، ومنهم من تأخر فلحقه، ومنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>