للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدرة بأنها فيه تؤثر، وما كان قضاء نافذا لا تؤثر فيه ولا ترده الأسباب، حتم قد لزم.

وفي بكائه عليه الصلاة والسلام وجه آخر، وهو البشارة لنبينا -صلى الله عليه وسلم-، وإدخال السرور عليه، وذلك قول موسى عليه السلاة والسلام - الذي هو أكثر الأنبياء أتباعًا: إن الذين يدخلون الجنة من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أكثر مما يدخلها من أمتي.

وأما قول موسى عليه الصلاة والسلام: لأن غلامًا ولم يقل غير ذلك من الصيغ، فإشارة إلى صغر سنه بالنسبة إليه.

وفي القاموس: الغلام، الطار الشارب، والكهل ضد.

وقال الخطابي: العرب تسمي الرجال المستجمع السن غلامًا، ما دامت فيه


موسى، فكان أمرًا قد قدر، والأسباب لا تؤثر إلا بما سبقت القدرة؛ بأنها فيه تؤثر" من تعليقه على سبب وقوعه، "وما كان قضاء نافذًا لا تؤثر فيه، ولا ترده الأسباب"؛ لأنه "حتم قد لزم"، ومثال ذلك دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته، أن يظهر عليهم عدو من غيرهم، وأن لا يهلكهم بالسنين، فأعطيهما، وأن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعها، فأستجيب له في الاثنتين دون الثالثة، وقيل له: هذا أمر قدرته، أي: أنفذته، فكانت الاثنتان من القدر الذي قدره الله، وقدر أن لا ينفذه بسبب الدعاء، والثالثة من القدر الذي قدره، وقدر إنفاذه على كل الأحوال لا يرده راد.
"وفي" حكمة "بكائه"، أي: موسى، "عليه الصلاة والسلام: وجه آخر: وهو البشارة لنبينا -صلى الله عليه وسلم- وإدخال السرور عليه"، بكثرة أمته المستلزمة لكثرة أجره، "وذلك قول موسى عليه الصلاة والسلام، الذي هو أكثر الأنبياء أتباعًا، أن الذين يدخلون الجنة من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أكثر مما يدخلها من أمتي"، فكباؤه حين جاوزه المصطفى، وقبل أن يبعد عنه، لأجل أن يسمعه هذه البشارة، إذ لو لم يكن لذلك لترك لبكاء حتى يبعد عنه، فلا يسمعه، ولم يبك حين كان معه، بل رحب به وأثنى عليه، ودعا له بخير لئلا يشوش عليه.
"وأما قول موسى عليه الصلاة والسلام: لأن غلامًا، ولم يقل غير ذلك من الصيغ"، كرجلًا، أو نبيًا، "فإشارة إلى صغر سنه"، أي: المصطفى، "وبالنسبة إليه"، إلى موسى، "وفي القاموس: الغلام الطار"، أي: النابت، "الشارب، والكهل ضد"، فيحتمل أنه استعمله بمعنى الكهل لاستعماله فيه وفي الكهل.
"وقال الخطابي: العرب تسمى الرجال المستجمع السن"، أي: البالغ مبلغ الرجال، بأن بلغ أشده، واستوت لحيته "غلامًا، ما دامت فيه بقية من القوة في الكهولة"، إشارة إلى مدحه

<<  <  ج: ص:  >  >>