"وفي" حكمة "بكائه"، أي: موسى، "عليه الصلاة والسلام: وجه آخر: وهو البشارة لنبينا -صلى الله عليه وسلم- وإدخال السرور عليه"، بكثرة أمته المستلزمة لكثرة أجره، "وذلك قول موسى عليه الصلاة والسلام، الذي هو أكثر الأنبياء أتباعًا، أن الذين يدخلون الجنة من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أكثر مما يدخلها من أمتي"، فكباؤه حين جاوزه المصطفى، وقبل أن يبعد عنه، لأجل أن يسمعه هذه البشارة، إذ لو لم يكن لذلك لترك لبكاء حتى يبعد عنه، فلا يسمعه، ولم يبك حين كان معه، بل رحب به وأثنى عليه، ودعا له بخير لئلا يشوش عليه. "وأما قول موسى عليه الصلاة والسلام: لأن غلامًا، ولم يقل غير ذلك من الصيغ"، كرجلًا، أو نبيًا، "فإشارة إلى صغر سنه"، أي: المصطفى، "وبالنسبة إليه"، إلى موسى، "وفي القاموس: الغلام الطار"، أي: النابت، "الشارب، والكهل ضد"، فيحتمل أنه استعمله بمعنى الكهل لاستعماله فيه وفي الكهل. "وقال الخطابي: العرب تسمى الرجال المستجمع السن"، أي: البالغ مبلغ الرجال، بأن بلغ أشده، واستوت لحيته "غلامًا، ما دامت فيه بقية من القوة في الكهولة"، إشارة إلى مدحه