للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجر الذي يترتب عليه رفع الدرجات له بسبب ما وقع من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لتنقيص أجورهم، المستلزمة لتنقيص أجره؛ لأن لكل نبي مثل أجر كل من اتبعه، ولهذا كان من اتبعه في العدد دون من اتبع نبينا -صلى الله عليه وسلم- مع طول مدتهم بالنسبة لمدة هذه الأمة.

وقال العارف ابن أبي جمرة: قد جعل الله تعالى في قلوب أنبيائه عليهم الصلاة والسلام الرأفة والرحمة لأمتهم، وركبهم على ذلك، وقد بكى نبينا -صلى الله عليه وسلم- فقيل له: ما يبكيك؟ قال: "هذا رحمة وإنما يرحم الله من عباه الرحماء"، والأنبياء


الذي يترتب عليه رفع الدرحات له بسبب ما وقع من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لتنقيص أجورهم المستلزمة لتنقيص أجره؛ لأن لكل نبي مثل أجر كل من تبعه"، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، "ولهذا كان من أتبعه في العدد دون من أتبع نبينا -صلى الله عليه وسلم- مع طول مدتهم بالنسبة لمدة هذه الأمة، وقال العارف ابن أبي جمرة: قد جعل الله تعالى في قلوب أنبيائه عليهم الصلاة والسلام الرأفة والراحمة لأمتهم وركبهم"، أي: ركب بنيتهم في أصل خلقتهم، مجبولة "على ذلك"، حتى كأنهم خلوقا من الرأفة والرحمة، "وقد بكى نبينا فقيل له: ما يبكيك"؟.
روى الشيخان عن أسامة: أرسلت بنت النبي -صلى الله عليه وسلم؛ أن ابني قد احتضر، فأشهدنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول: "إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت ورجال: فدفع إليه الصبي، فأقعده في حجره، ونفسه تقعقع، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟، "قال: "هذا رحمة" جعلها الله في قلوب عباده، "وإنما يرحم الله من عباده الرحماء"، روي بالنصب مفعول يرحم، على أن ما في إنما كافة، أو أداة حصر، وبالرفع خبر أن على أنها موصولة بمعنى الذين، والرحماء جمع رحيم من صيغ المبالغة، فمقتضاه أن رحمة الله تختص بالمتصف بالرحمة الكاملة، لخلاف من فيه رحمة ما.
لكن قضية خبر أبي داود الراحمون يرحمهم الله، شموله له، ورجح، وإنما بولغ في الأول؛ لأن ذكر الجلالة دال على العظمة، فناسب فيه التعيظم والمبالغة.
وقال شيخنا: لعل مراد الحديث أنه يرحم، كثير الرحمة رحمة تامة، بحيث تمنع من قامت به من العذاب، فلا يرد أن يرحم الكافر بتخفيف العذاب عنه، وبتأخيره في سعة عيش وصحة، وغيرهما إلى وقت قبض روحه، وقد يخفف عنه عذاب غير الكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>