للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما أعطيه موسى عليه الصلاة والسلام تفجير الماء له من الحجارة، أعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن الماء تفجر من بين أصابعه، وهذا أبلغ لأن الحجر من جنس الأرض التي ينبع الماء منها، ولم تجر العادة بنبع الماء من اللحم، ويرحم الله القائل:

وكل معجزة للرسل قد سلفت ... وافى بأعجب منها عند إظهار

فما العصا حية تسعى بأعجب من ... شكوى البعير ولا من مشي أشجار

ولا انفجار معين الماء من حجر ... أشد من سلسل من كفه جار

ومما أعطيه موسى عليه الصلاة والسلام الكلام، أعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مثله ليلة الإسراء وزيادة الدنو والتدلي، وأيضًا كان مقام المناجاة في حق نبينا صلى الله عليه وسلم فوق السماوات العلى وفوق سدرة المنتهى، والمستوى، وحجب النور والرفوف، ومقام


الصلاة والسلام تفجير الماء له من الحجارة" كما قال تعالى: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} الآية، "أعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن الماء تفجر من بين أصابعه، وهذا أبلغ" في المعجزة؛ "لأن الحجر من جنس الأرض التي ينبع الماء منها" بل قال تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ} الآية، "ولم تجر العادة بنبع الماء من اللحم" بل لم يقع لغير المصطفى، كما مر، "ويرحم الله القائل: وكل معجزة للرسل قد سلفت، وافى" أتى "بأعجب منها عند إظهار" الله تعالى له، وتأييده بالمعجزات، "فما العصا حية" حال موطئة، "تسعى" صفتها "بأعجب" خبر ما، "من شكوى البعير، ولا من مشي أشجار"، بل هما أعجب، "ولا انفجار معين الماء من حجر" من إضافة الصفة للموصوف "أشد" أقوى في المعجزة "من سلسل من كفه" متعلق بقوله: "جار" بل هو أشد.
"ومما أعطيه موسى عليه الصلاة والسلام الكلام أعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مثله ليلة الإسراء، وزيادة الدنو" مجاز عن القرب المعنوي لإظهار منزلته عند ربه، "والتدلي" طلب زيادة القرب؛ كما قال بعضهم: فليس عطف تفسير، والمقصود كما في البيضاوي تمثيل ملكة الاتصال، وتحقيق استماعه لما أوحي إليه بنفي البعد الملبس، "وأيضًا كان مقام المناجاة في حق نبينا صلى الله عليه وسلم فوق السماوات العلا وفوق سدرة المنتهى والمستوى" الذي سمع فيه صريف الأقلام، "وحجب النور" بالنسبة للمخلوق "والرفرف" أي: البساط، قاله المصنف، "ومقام

<<  <  ج: ص:  >  >>