للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتل نفسه بمحضر ذلك الذي اتبعه من المسلمين, قالوا:

والوجه الثالث: وهو الدامغ لهذا القول، قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: ١٠٩] وقال تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} [الإسراء: ٥٩] فسمَّى الله تعالى تلك المعجزات المطلوبة من الأنبياء آيات، ولم يشترط تحديًا من غيره.

فصحَّ أن اشتراط التحدي باطل محض. انتهى ملخصًا من تفسير الشيخ أبي


وفي البخاري عن سهل: فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، فخرج معه كلما وقف وقف معه، "فقتل نفسه بمحضر ذلك" الرجل "الذي اتبعه من المسلمين،" قال الحافظ -وهو أكتم الخزاعي، كما في الطبراني: فقول الشارح، أي: الجمع الذي اتبعه من المسلمين خلافه، ومرت القصة في غزاة خيبر، "قالوا: والوجه الثالث وهو الدامغ" بميم ومعجمة المبطل "لهذا القول" بحيث لا يبقي للمتمسك به شبهة، قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} الآية.
وقال البيضاوي: أي: فيمحقه، وإنما استعار لذلك القذف، وهو الرمي البعيد المستلزم لصلابة المرمي، والدمغ الذي هو كسر الدماغ؛ بحيث تشق غشاءه الذي يؤدي إلى زهوق الروح تصويرًا لإبطاله، ومبالغة فيه "قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا} الآية، أي كفار مكة، {بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} الآية: أي غاية اجتهادهم فيها، {لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ} الآية، مما اقترحوا، {لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ} الآية، ينزله كيف يشاء، {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} الآية، يدريكم بإيمانهم، أي: أنتم لا تدرون {أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ} الآية، لما سبق في علمي، وفي قراءة بالتاء خطابًا للكفار، وفي أخرى، بفتح أن، بمعنى: لعل، أو معمولة لما قبلها.
وقال تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ} الآية، التي اقترحها أهل مكة {إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} الآية، لما أرسلناهم فأهلكناهم, ولو أرسلناها إلى هؤلاء لكذبوا بها واستحقوا الإهلاك، وقد حكمنا بإمهالهم لإتمام أمر محمد -صلى الله عليه وسلم، والمنع هنا مجاز عن الترك، أي: وما سبب ترك الإرسال إلا تكذيب الأولين، وإلّا فالله تعالى لا يمنعه عن مراده مانع، "فسمَّى الله تلك المعجزات المطلوبة من الأنبياء آيات، ولم يشترط تحديًا من غيره، فصحَّ أن اشتراط التحدي باطل محض" خالص، "انتهى ملخصًا من تفسير الشيخ أبي أمامة بن النقاش،

<<  <  ج: ص:  >  >>