للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقييد. وقد كان كعب بن مالك قائل هذا من شعراء الصحابة، فلابُدَّ للتقييد بذلك من حكمة. وما قيل في أن ذلك من الاحتراز من السواد في القمر ليس بالقوي؛ لأن المراد بتشبيهه ما في القمر من الضياء والاستنارة, وهو في تمامه لا يكون فيها أقلّ مما في القطعة المجردة، فكأنَّ التشبيه وقع على بعض الوجه فناسب أن يشبه ببعض القمر.

وعن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: كان وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كدارة القمر، أخرجه أبو نعيم.

وروى البيهقي عن أبي إسحاق الهمداني.


تقييد، وقد كان كعب بن مالك قائل هذا من شعراء الصحابة" الفصحاء البلغاء، فلا يعدل عن المتعارف بينهم إلا لسبب، "فلابُدَّ للتقييد بذلك من حكمه" لئلَّا يضيع، "وما قيل" القائل هو السراج البلقيني، كما قاله المصنف وغيره، وأبهمه هنا تبعًا للحافظ تأدبًا؛ لأنه شيخه، "في أنَّ ذلك من الاحتراز من السواد الذي في القمر" بيان لما قيل، ولفظ المصنّف في الشرح: أجاب السراج البلقيني: بأنَّ وجه العدول أن القمر فيه قطعة يظهر فيها سواد، وهو المسمَّى بالكَلَف، فلو شبّه بالمجموع لدخلت هذه القطعة في المشبه، وغرضه: إنما هو التشبيه على أكمل الوجوه، فلذا قال: كأنه قطعة قمر، يريد القطعة الساطعة الإشراق، الخالية من شوائب الكدر أ. هـ. "ليس بالقوي؛ لأن المراد بتشبيهه"، أي: الوجه, وفيه حذف هو تشبيهه "ما في القمر من الضياء والاستنارة"، لا بما فيه من النور والسواد معًا، "وهو" أي: القمر "في تمامه لا يكون فيها أقلّ مما في القطعة المجردة", بل ما فيها في غير التَّمَام يكون مساويًا لما في القمر بجملته، أو أكثر، وقد يقال: بل هو قوي؛ لأن المراد بالقطعة المشبَّه بها ما فيه من النور خاصَّة, وهو خالٍ من السواد، كبرت القطعة أو صغرت؛ والقمر أبدًا لا يخلو من سواد، سواء وقت التَّمَام وغيره، ومن قوله: ويسأل إلى هنا, ذكره الحافظ في المغازي، وقال عقبه: فيوجه بأنه إشارة إلى موضع الاستنارة، وهو الجبين، وفيه يظهر السرور، كما قالت عائشة: مسرورًا تبرق أسارير وجهه، "فكأنَّ التشبيه وقع على بعض الوجه" الذي هو الجبين، "فناسب أن يشبه ببعض القمر"، وتقدَّم له قريبًا مزيد.
"وعلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: كان وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كدارة القمر"، قال الجوهري: الدارة أخصّ من الدار، والدارة التي حول القمر، وهي الهالة، "أخرجه أبو نعيم، وروى البيهقي عن أبي إسحاق"، عمرو بن عبد الله "الهمداني" بفتح الهاء، وإسكان الميم، ومهملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>