للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبينه.

وقالت عائشة -رضي الله عنها: دخل عليَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا مسرورًا تبرق أسارير وجهه.

ولذلك قال كعب: كأنه قطعة قمر.

وفي حديث جبير بن معطم عند الطبراني: التفت إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوجهٍ مثل شقة القمر. فهذا محمول على صفته عند الالتفات.

وقد أخرج الطبراني حديث كعب بن مالك من طرق في بعضها: كأنه دارة قمر.

ويسأل عن السر في التقييد بالقطعة مع كثرة ما ورد للبلغاء من تشبيه الوجه بالقمر بغير


فناسب أن يشبه ببعض القمر، قاله في الفتح، والجبين فوق الصدغ، وهو جبينان عن يمين الجبهة وشمالها، كما في المختار، وعليه: فالنور المشاهد منه ليس في الجبهة، "وقالت عائشة -رضي الله عنها: دخل عليَّ النبي -صلى الله عليه عليه وسلم- يومًا مسرورًا" فرحًا "تبرق" بضم الراء: تضيء وتسنير من الفرح "أسارير وجهه"، جمع أسرار جمع سِرّ -بكسر السين، وهو الخطوط التي في الجبهة تبرق عند الفرح، وبقية الحديث في البخاري، فقال -صلى الله عليه وسلم: ألم تسمعي ما قال المدلجي لزيد أسامة، ورأى أقدامهما أن بعض هذه الأقدام من بعض، "ولذلك قال كعب: كأنه قطعة قمر"، إشارة إلى موضع الاستنارة وهو الجبين، "وفي حديث جبير بن مطعم" القرشي، النوفلي "عند الطبراني: التفت إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوجه مثل شقة" بكسر الشين- قطعة "القمر"، وأما الشقة -بضم الشين، فالقطعة من الثوب والسفر البعيد، كما في الصحاح وغيره، "فهذا محمول على صفته عند الالتفات"، كما قاله الحافظ، يدل عليه لفظ: التفت، وأمَّا قول كعب: قطعة قمر، فيحتمل أنه كان حينئذ متلثمًا، فوقع التشبيه على البعض، كما مَرَّ، ويحتمل كما قال الحافظ أيضًا: أن يريد بقطعة قمر القمر نفسه.
"وقد أخرج الطبراني حديث كعب بن مالك، من طرق في بعضها، كأنه دارة قمر"، أي: الدائرة حوله، وهي الهالة، أي: كأنه في شدة نور هالة القمر، يعني: فهذا يؤيد احتمال أنَّه أراد بالقطعة القمر نفسه من التعبير بالبعض عن الكل، "ويسأل عن السر" النكتة الخفية "في التقييد بالقطعة" في قول كعب، كأنه قطعة قمر، "مع كثرة ما ورد للبلغاء من تشبيه الوجه بالقمر بغير

<<  <  ج: ص:  >  >>