قال الْحَرَالِّي: وهذا الكتاب هو الكتاب المحيط الجامع الأول، الذي لا يتنزل إلا على الخاتم الآخر المعقب، لما أقام به حكمته من أن صور الأواخر مقامة بحقائق الأوائل، فأول الأنوار الذي هو نور محمد - صلى الله عليه وسلم - هو قثم خاتم الصور التي هي صورة محمد - انتهى.
{بِالْحَقِّ}
قال الْحَرَالِّي: وكما أن هذا الكتاب هو الكتاب الجامع الأول المحيط بكل كتاب، كذلك هذا الحق المنزل به هذا الكتاب هو الحق الجامع المحيط الذي كل حق منه، وهو الحق الذي أقام به حكمته فيما رفع ووضع - انتهى.
{مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}
قال الْحَرَالِّي: لما كان هذا الكتاب أولا وجامعا ومحيطا كان كل كتاب بين يديه، ولم يكن من ورائه كتاب - انتهى.
{وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ}
قال الْحَرَالِّي: فهي توراة بما هي نور أعقبت ظلام ما وردت عليه من [كفر -] دعى إليها من الفراعنة، فكان فيها هدى ونور. {وَالْإِنْجِيلَ} من النجل، ووضع على زيادة إفعيل لمزيد معنى ما وضعت له هذه الصيغة وزياداتها مبالغة في المعنى، وأصل النجل استخراج خلاصة الشيء، ومنه يقال للولد: نجل أبيه، كأن الإنجيل استخلص خلاصة نور التوراة، فأظهر باطن ما شرع في التوراة ظاهرة، فإن التوراة كتاب إحاطة لأمر الظاهر الذي يحيط بالأعمال وإصلاح