للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن بني ثعلبة بن يربوع متمِّم بن نويرة: وهو من الصحابة. وأخوه مالك، قتل في الردة في خلافة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه. وقتل مالكا ضرار بن الأزور الأسديُّ. أمره بذلك خالد بن الوليد. ورثاه متمِّم أخوه بقصائد كثيرة.

قال أبو العباس المبرَّد: حدثني العباس بن الفرج الرِّياشيُّ عن محمد بن عبد الله الأنصاري في إسناد ذكره. قال: صلَّى متمِّم بن نويرة مع أبي بكر الصديق رحمه الله الفجر في عقب قتل أخيه. وكان أخوه خرج مع خالد مرجعة من اليمامة، يظهر الإسلام. فظنَّ به خالد غير ذلك، فأمر ضرار بن الأزور الأسدي فقتله. وكان مالك من أرداف الملوك، ومن متقدِّمي فرسان بني يربوع. فلما صلى أبو بكر رحمه الله قام متمم بحذائه فاتّكأ على سية قوسه. ثم قال:

نِعمَ القتيلُ إذا الرياحُ تَناوحتْ ... خلفَ البيوتِ، قَتلتَ يابنَ الأزور

ولَنعمَ حشوُ الدرعِ كنتَ أدابراً ... ولنعم مأوى الطارقِ المُتنوِّرِ

أَدَعوتَهُ باللهِ ثم غَدَرتَهُ ... لوْ هُوْ دَعاكَ بذمَّةٍ لم يَغْدُرِ

وأومأ إلى أبو بكر، فقال: والله ما دعوته ولا غدرته. ثم أتمَّ شعره فقال:

لا يمسِكُ الفحشاءَ تحت ثيابهِ ... حُلوٌ شمائلُهُ، عفيفُ المِئْزَرِ

ثم اتّكأ وانحطَّ على سية قوسه، وكان أعور دميما. فما زال يبكي حتى دمعت عينه العوراء، فقام إليه عمر بن الخطاب، رحمه الله فقال: لوددت أنك رثيت زيدا أخي، بمثل ما رثيت به مالكا أخاك. فقال: يا أبا حفص، والله لو علمت أن أخي صار بحيث صار أخوك ما رثيته. فقال عمر: ماعزَّاني أحد عن

<<  <  ج: ص:  >  >>