هبك كالخنساء في أشعارها ... أو كليلي هل تجارين الذكر
فقال أبو حفص حينئذ:
نهاني حلمى فلا أظلم ... وعز مكاني فلا أظلم
ولا بد من حاسد قلبه ... بنور مآثرنا مظلم
رحمت حسودي على أنّه ... يقاسي العذاب وما يرحم
بغناك الحسود ولسنا ما ... يقول ولكن كما يعلم
وكان أبو العباس الجراوي المذكور هجاء حاضر البادرة سريع الجواب. ومن أغرب ما صدر عنه في ذلك أنّه هجا قبيلة بني غفجوم استطرادا بهجو أهل فاس وقاضيهم أبن الملجوم والكبير البيت الشهير الأصالة فقال:
يا بن السبيل إذا نزلت بتادلا ... لا تنزلن على بني غفجوم
أرض أغاربها العدو فلن ترى ... إلاّ مجاوبة الصدى للبوم
قوم طووا ذكر السماحة بينهم ... لكنهم نشروا لواء اللوم
لا يملكون إذا استبيح حريمهم ... إلاّ الصياح بدعوة المظلوم
لا حظ في أموالهم ونوالهم ... للسائل العافي ولا المحروم
يا ليتني من غيرهم ولو إنني ... من أرض فاس من بني الملجوم
ومن نظم القاضي أبي حفص المذكور من مطلع قصيدة يمدح أبا يعقوب بن عبد المؤمن ويهنئه ببيعته الثانية:
إلاّ هكذا تبنى العلا والمآثر ... وتسمو إلى الأمر الكبير الأكابر