للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنا إذا نظرنا إلى ما كان قد طرق من الابتلاء وشاهدنا ما كان معرضا للوقع من البلاء وراجعنا البصيرة في النعم التي كنا عنها مسلوبين والتربة التي كنا عليها مغلوبين والأبواب التي كنا عنها محجوبين والشرذمة التي كتابها مربوبين والأنفال التي كنا في عدد من يحيى رسومها محسوبين وقد سلط الله علينا كثيرا من الظلمة الذين أعناهم فعند ذلك لعناهم وأهاننا الذين كنا أكرمناهم جزاء لمّا احترمناهم فنسونا أحوج ما كنا إلى أن يذكرونا وخذلونا أفقر ما كنا إلى أن ينصرونا وأسلمونا أشد ما كنا فاقة إلى أن ينجدونا وتركونا أعظم ما كنا حاجة إلى أن يساعدونا وخانونا أظهر ما كنا اضطرارا إلى وفائهم وظاهروا علينا أتم ما كنا افتقارا إلى غناهم فلا شك إنَّ المؤاخذة كانت بسبب تلك الذنوب وأن الجناية هي التي أوجبت ما طرقنا من الخطوب فأزف العذب وعاد من أعدى الأعادي الأحباب وتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا وتقطعت بهم الأسباب وكادت العقوبة العظيمة إنَّ تلحق والأخذة الربانية أن تمحق لولا أن الله تداركنا بالعفوا وتجاوز عن الهفوا وأنالكم من الإدالة ما كنتم تؤملون واستخلفكم في الأرض لينظر كيف تعملون. فلنجعل ما وعظنا الله به من تلك الأزمات نصب العين ولنتخذ حمده على ما مننا من الإنالة هجير الألسن ولنعلم أن ذلك التمحيص إنّما كان تنبيها من الله على ما عطلنا من حدوده وإيقاظا من الغفلة عن القيام بحقوقه والوفاء بعهوده ولنتحقق أن ما من الله به من جبر الأحوال وخلف

<<  <  ج: ص:  >  >>