للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علموا أنه لا يقطع خوضًا ولا سباحة.

وأما الحمقى فاستصعبوا عمل السفينة وآلاتها والركوب فيها، وقالوا: نخوض البحر فإذا عجزنا قطعناه سباحة. وهم أكثر أهل الدنيا فخاضوه، فلما عجزوا عن الخوض أخذوا في السباحة حتى أدركهم الغرق، ونجا أصحاب السفينة كما نجوا مع نوح وغرق أهل الأرض.

فتأمل هذا المثل، وحال أهل الدنيا يتبين لك مطابقته للواقع، وقد ضُرب هذا المثل للدنيا والَاخرة والقدر والأمر؛ فإن القدر بحر، والأمر فيه سفينة لا ينجو إلا من ركبها.

فصل

المثال الحادي عشر: مثالها مثل إناء مملوء عسلًا رأته الذباب، فأقبلت نحوه، فبعضها قعد على حافة الإناء، وجعل يتناول من العسل حتى أخذ حاجته ثم طار، وبعضها حمله الشره على أن رمى بنفسه في لجة الإناء ووسطه فلم يدعه انغماسه فيه أن يتهنأ به إلا قليلًا حتى هلك في وسطه.

فصل

المثال الثاني عشر: مثال حَبٍّ قد نثر على وجه الأرض، وجعلت كل حبة في فخ، وجعل حوالي ذلك الحب حبٌّ ليس في فخاخ، فجاءت الطير، فمنها من قنع بالجوانب [ولم يرم نفسه في وسط الحبّ] (١) فأخذ حاجته ومضى، ومنها من حمله الشره على اقتحام معظم الحبّ ووسطه،


(١) ما بين المعقوفين ليس في الأصل، وأثبته من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>