للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الركب الذين وقفوا مع رسول اللَّه على السخلة الميتة، فقال رسول اللَّه : "أترون هذه هانت على أهلها حتى ألقوها؟ " فقالوا: ومن هوانها ألقوها يا رسول اللَّه، قال: "فالدنيا أهون على اللَّه من هذه على أهلها". قال الترمذي: حديث حسن صحيح (١).

فلم يقتصر على تمثيلها بالسخلة الميتة بل جعلها أهون على اللَّه منها.

وفي "مسند الإمام أحمد" في هذا الحديث: "فوالذي نفسي بيده للدنيا أهون على اللَّه من هذه على أهلها" (٢)؛ فأكّد ذلك بالقسم الصادق، فإذا كان مثلها عند اللَّه أهون وأحقر من سخلة ميتة على أهلها، فمحبها وعاشقها أهون على اللَّه من تلك السخلة. وكونها سخلة أهون عليهم من كونها شاة كبيرة؛ لأن تلك ربما انتفعوا بصوفها أو دبغوا جلدها، وأما ولد شاة صغير ميت ففي غاية الهوان، فاللَّه المستعان.

فصل

المثال العاشر: مثلها مثل البحر الذي لا بدّ للخلق كلهم من ركوبه، ليقطعوه إلى الساحل الذي فيه دورهم وأوطانهم ومستقرّهم، ولا يمكن قطعه إلا في سفينة النجاة، فأرسل اللَّه رسله تعرّف الأمم اتخاذ سفن النجاة، وتأمرهم بعملها وركوبها، وهي: طاعته، وطاعة رسله، وعبادته وحده، وإخلاص العمل له، والتشمير للآخرة وإرادتها والسعي لها سعيها، فنهض الموفقون وركبوا السفينة ورغبوا عن خوض البحر لما


(١) سبق تخريجه ص (٣٣٠).
(٢) "المسند" (٤/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>