للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالصِّفاتِ المُقدَّرةِ خلافًا للفقهاءِ، فإنَّ الفروعَ الفقهيَّةَ كثيرةٌ بالتَّعليلِ بالأمورِ التَّقديريَّةِ لا يَكادُ أنْ يَكُونَ عندَهم في ذلك خلافٌ، وكأنَّها عندَهم بمَنزلةِ التَّحقيقاتِ، أَلَا تَرى أنَّ الحَدَثَ عندَهم وصفٌ وجوديٌّ مُقدَّرٌ قيامُه بالأعضاءِ يَرفَعُه الوُضوءُ والغُسلُ ولا يَرفَعُه التَّيمُّمُ ونحوُ ذلك.

(وَقَدْ تَكُونُ) العِلَّةُ (حُكْمًا شَرْعِيًّا) كقَوْلِنا: مَن صَحَّ طلاقُه صَحَّ ظِهارُه، فجَوَّزَ الأكثرُ التَّعليلَ به كتعليلِ مَنعِ بيعِ الكلبِ بنجاستِه؛ لأنَّ العِلَّةَ هي المُعَرِّفُ، فلا امتناعَ أنْ يُجعَلَ حُكمٌ شرعيٌّ مُعَرِّفًا لحكمٍ شرعيٍّ، والعِلَّةُ الَّتي يَحتاجُ إلى إثباتِها في الأصلِ المُتعدِّيةِ إلى الفرعِ، وأيضًا قد يَدُورُ حُكمٌ معَ حكمٍ، والدَّوَرانُ عِلَّةٌ لِما يَأْتي في مسالكِ العِلَّةِ.

(وَتَكُونُ صِفَةُ الِاتِّفَاقِ، وَ) صفةُ (الِاخْتِلَافِ: عِلَّةً) أي: يَجُوزُ جَعلُها عِلَّةً عندَ الأكثرِ كالإجماعِ: حادثٌ وهو دليلٌ، والاختلافُ يَتَضَمَّنُ خِفَّةَ حُكمِه، وعكسُه الاتِّفاقُ، كقَوْلِنا في المُتولِّدِ بينَ الظِّباءِ والغنمِ: مُتَوَلِّدٌ بينَ أصلينِ يُزَكَّى أحدُهما إجماعًا، فوَجَبَ فيه كمُتولِّدٍ بينَ سائمةٍ ومعلوفةٍ.

(وَيَتَعَدَّدُ الوَصْفُ) أي: يَجُوزُ التَّعليلُ بالوصفِ المُتعدِّدِ، (وَيَقَعُ) عندَ الأكثرِ؛ كتعليلِ القصاصِ بالقتلِ العَمدِ العُدوانِ؛ لأنَّ طريقَ إثباتِ الواحدِ يَثبُتُ به غيرُه، ولأنَّ الَّذِي يُستدَلُّ به على العِلَّةِ المُفردةِ يُستَدَلُّ به على المُركّبةِ فهُما سواءٌ، وهذا يُسَمَّى الوصفَ المُرَكَّبَ؛ لأنَّ العِلَّةَ تَنقسِمُ إلى: «بسيطةٍ»: وهي ما لا جُزءَ لها كالإسكارِ (١)، وإلى «مركَّبةٍ» وهي الَّتي لها جزءٌ، وهي مَسألتُنا.


(١) ليس في «د».

<<  <   >  >>