للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَائِدَتَانِ:

الأُولى: قولُ الصَّحابيِّ: «كُنَّا نَفعَلُ» لم يَذْكُرِ الأُصوليُّونَ وغيرُهم أنَّه حُجَّةٌ لتقريرِ اللهِ تعالى، وذَكَرَه الشَّيخُ مُحتجًّا بقولِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ -رضي الله عنهما-: كُنَّا نَعزِلُ والقرآنُ يَنزِلُ، ولو كانَ شيءٌ يُنهى عنه، لَنَهانا عنه القرآنُ، مُتَّفَقٌ عليه (١). وهو ظاهرُ الأدِلَّةِ.

الثَّانيةُ: لو قال الصَّحابيُّ: «نَزَلَتْ هذه الآيةُ في كذا»، هل هو مِن بابِ الرِّوايةِ، أو الاجتهادِ؟ وطريقةُ البخاريِّ في «صحيحِه» تَقتضي أنَّه مِن بابِ المرفوعِ، ولم يَذكُرْ أحمدُ في «المسندُ» مِثْلَ هذا.

(وَ) قولُ الصَّحابيِّ: (كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا عَلَى عَهْدِهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَنَحْوُ ذَلِكَ) كقولِه: كانَ الأمرُ على ذلك في زَمَنِه -صلى الله عليه وسلم-: (حُجَّةٌ) عندَ الأكثرِ، لقولِ عائشةَ -رضي الله عنها-: كانُوا لا يَقطَعُون في الشَّيْءِ التَّافهِ (٢).

(وَقَوْلُ غَيْرِ صَحَابِيٍّ (٣) مِن تابعيٍّ وغيرِه إذا رَوَى حديثًا (عَنْهُ) أي: عنِ الصَّحابيِّ (يَرْفَعُهُ) إلى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، كمرفوعٍ صريحًا، كقولِ سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: الشِّفاءُ في ثلاثٍ: شربةُ عَسَلٍ، وشَرْطَةُ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةٌ بنارٍ. ثمَّ قال: رُفِعَ الحديثُ. رَوَاه البخاريُّ (٤).

(أَوْ) قال غيرُ الصَّحابيِّ حديثًا عنِ الصَّحابيِّ (يَنْمِيهِ) إلى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، كروايةِ مالكٍ، عن أبي حازمٍ، عن سَهلِ بنِ سعدٍ: كانَ النَّاسُ يُؤمَرُونَ أنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَه اليُمنَى على ذِراعِه اليُسرَى في الصَّلَاةِ (٥).


(١) رواه البخاري (٥٢٠٨)، ومسلم (١٤٤٠).
(٢) رواه ابن أبي شيبة (٢٨٦٩٧).
(٣) في (د): الصحابي.
(٤) «صحيح البخاري» (٥٦٨٠).
(٥) «الموطأ» (٤٣٧).

<<  <   >  >>