للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٣) (وَ) شرطُ الاستثناءِ أيضًا (نُطْقٌ بِهِ) أي: بالمُستثنى عندَ الأربعةِ وغيرِهم (إِلَّا فِي يَمِينِ خَائِفٍ بِنُطْقِهِ) أي: فيَتَعَيَّنُ نُطقُه إلَّا مِن مظلومٍ خائفٍ نصًّا؛ لأنَّ يمينَه غيرُ مُنعقدةٍ، أو لأنَّه بمَنزلةِ المُتَأَوِّلِ.

و (لَا) يُشتَرطُ في الاستثناءِ (تَأْخِيرُهُ) عنِ المُستثنى منه، فيَجوزُ تقديمُه عليه، كقولِه -صلى الله عليه وسلم- فيما رَوَاه الشَّيخانِ: «وَاللهِ! إِنْ شَاءَ اللهُ، لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ .. » الحديثَ (١)، وقولِ الكُمَيتِ (٢):

وَمَا لِي إِلَّا آلَ أَحْمَدَ شِيعَةٌ

وَمَا لِي إِلَّا مَذْهَبَ الحَقِّ مَذْهَبُ

(وَيَصِحُّ: اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ) فأقلَّ مِن الكلِّ، في الأصحِّ، لا استثناءُ الكلِّ، حَكَاه بعضُهم إجماعًا، و (لَا الأَكْثَرُ) أي: أكثرُ مِنَ النَّصفِ مِن عددٍ مُسَمًّى على المذهبِ، نحوُ: «له عليَّ خمسةٌ إلَّا ثلاثةً»، وجهُه: أنَّه لغةٌ، فمَنِ ادَّعاه فعليه البيانُ.

فَإِنْ قِيلَ: جَوَّزَه أكثرُ الكُوفِيِّينَ.

قيلَ: يَمتنِعُ ثبوتُه عنهم في الأعدادِ، ثمَّ عليهم الدَّليلُ، والبَصرِيُّونَ أَثبَتُ منهم في اللُّغةِ وقد مَنَعوه، وأيضًا الاستثناءُ وُضِعَ للاستدراكِ والاختصارِ، فمَن أَقَرَّ بألفٍ إلَّا تسعَ مئةٍ وتسعةً وتسعينَ فهو خلافُ الوضعِ، ولهذا يُعَدُّ قبيحًا عُرفًا.

قالوا: وَقَعَ استثناءُ الأكثرِ في قولِه تعالى: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} (٣)،


(١) رواه البخاري (٣١٣٣)، ومسلم (١٦٤٩) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-.
(٢) من الطَّويلِ، وهو للكُمَيْتِ الأسديِّ شاعرِ أهلِ البيتِ. ينظرْ: «شرح الشَّواهدِ الكُبرى» لبدرِ الدِّينِ العينيِّ (٣/ ١٠٨٩).
(٣) الحجر: ٤٢.

<<  <   >  >>