للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٥) وَتَرَجٍّ) والفرقُ بينَ التَّمنِّي والتَّرجِّي: أنَّ التَّرجِّيَ لا يُستعمَلُ إلَّا في المُمكِنِ، بخلافِ التَّمَنِّي، فإنَّه يُستعمَلُ في المُمكنِ والمُستحيلِ، تَقولُ: لَيْتَ الشَّبابَ يَعُودُ يومًا.

واسْتُغْنِي بذكرِ التَّرجِّي عنِ الإشفاقِ، وهو ما يَكُونُ في المكروهِ، وربَّما تُوُسِّعَ بإطلاقِ التَّرجِّي على الأعمِّ، وقد اجْتَمَعَا في قولِه تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} (١)،

(٦) [(وَ) يَندَرِجُ في الإنشاءِ أيضًا: (قَسَمٌ)، نحوُ: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} (٢)،

(٧) (وَنِدَاءٌ) نحو: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (٣) (٤).

(وَ) مِن الإنشاءِ (صِيغَةُ عَقْدٍ وَفَسْخٍ) ونحوِها: وهو الَّذِي يَقتَرِنُ مَعناه بوجودِ لفظِه، نحوُ: بِعْتُ، واشتَريْتُ، وأعتقْتُ، وطَلَّقْتُ، وفَسَخْتُ، ونحوِها مِمَّا يُشابِهُ ذلك، مِمَّا يُستَحْدَثُ به الأحكامُ، فهي أخبارٌ في الأصلِ بلا شكٍّ، ولكنْ لَمَّا اسْتُعمِلَتْ في الشَّرعِ في مَعنى الإنشاءِ اختُلِفَ فيها هل هي باقيةٌ على أصلِها من الإخبارِ أو نُقِلَتْ؟ فأصحابُنا والأكثرُ على الثَّاني؛ لأنَّه لو كانَ خبَرًا لكانَ إمَّا: عن ماضٍ، أو حالٍ، أو مستقبلٍ، والأوَّلانِ باطلانِ؛ لِئلَّا يَلْزَمَ ألَّا يَقبَلَ الطَّلاقُ ونحوُه التَّعليقَ؛ لأنَّه يَقتضي تَوَقُّفَ شيءٍ لم يُوجَدْ على ما لم يُوجَدْ، والماضي والحالُ قد وُجِدَا، لكنَّ قَبولَه التَّعليقَ إجماعٌ، والمُستقبلُ يَلْزَمُ منه ألَّا يَقَعَ به شيءٌ؛ لأنَّه بمَنزلةِ: سأُطَلِّقُ، والغرضُ خلافُه إلى غيرِ ذلك مِن أدِلَّتِه.


(١) البقرة: ٢١٦.
(٢) الأنبياء: ٥٧.
(٣) البقرة: ٢١.
(٤) ليس في (د).

<<  <   >  >>