قالت: فجلس عليّ والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يأكل.
قالت: فجعلت لهم سلقا وشعيرا.
فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعليّ: «من هذا فأصب؛ ...
وقد اشتهر على الألسنة: «الحمية رأس الدّواء، والمعدة بيت الدّاء، وعوّدا كلّ جسد ما اعتاد» . وهو ليس بحديث، وإنّما هو من كلام الحارث بن كلدة، طبيب العرب.
ولا ينافي نهيه لعليّ خبر ابن ماجه أنّه عاد رجلا فقال له: «ما تشتهي؟» قال:
كعكا. وفي لفظ: خبز برّ. فقال: «من عنده خبز فليبعث إلى أخيه، وإذا اشتهى مريض أحدكم شيئا؛ فليطعمه» .
لأنّ العليل إذا اشتدّت شهوته لشيء ومالت إليه طبيعته، فتناول منه القليل لا يحصل له منه ضرر، لأنّ المعدة والطّبيعة يتلقّيانه بالقبول؛ فيندفع عنه ضرره، بل ربّما كان ذلك أكثر نفعا من كثير من الأدوية التي تنفر منها الطّبيعة. وهذا سرّ طبيّ لطيف.
(قالت: فجلس عليّ) أي: وترك أكل الرّطب (والنّبيّ صلّى الله عليه وسلم يأكل) .
فيه جواز الأكل قائما بلا كراهة، لكنّ تركه أفضل كما في «الأنوار» «١» .
(قالت: فجعلت) أي: فبسبب أمره صلّى الله عليه وسلم عليا بالتّرك لكونه ناقها؛ جعلت (لهم) المراد بالجمع ما فوق الواحد، وقيل: كان معهما ثالث.
واقتصر على ذكر علي فيما سبق!! لداعي بيان ما جرى بينه وبين النبيّ صلّى الله عليه وسلم.
(سلقا) - بكسر السّين المهملة، وسكون اللّام- وهو: النّبت المشهور ويقال له «سلك» بالكاف آخره. (وشعيرا) لأنّه نافع.
(فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلم لعليّ: «من هذا فأصب) أي: كل.
فالفاء في جواب شرط محذوف، أي: إذا حصل هذا فكل منه معنا.
(١) للأردبيلي.