وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد غزوة.. ورّى بغيرها.
وكان صلّى الله عليه وسلّم يعجبه أن يلقى العدوّ عند زوال الشّمس.
(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم إذا أراد غزوة ورّى) - بتشديد الراء- أي: سترها وكنّى عنها (بغيرها) ؛ أي: بغير تلك الغزوة التي أرادها. يعني يذكر لفظا يوهم السامعين التوجّه إلى ناحية؛ مع أن مراده غيرها، كما إذا أراد غزوة خيبر مثلا؛ وقال «ما أحلى ماء مكّة، وما أطيب مالها» !! موهما أنّه يريد غزو مكّة، فهذا ليس بكذب، بل إيهام غير المراد؛ لئلا يتفطّن العدوّ فيستعدّ للدفع وللحرب، والمقصود أخذ العدوّ بغتة.
والتوراة: أن يذكر لفظا يحتمل معنيين: أحدهما أقرب من الآخر، فيسأل عنه وعن طريقه؛ فيفهم السامع بسبب ذلك أنّه يقصد المحلّ القريب، والمتكلّم صادق، لكن الخلل وقع في فهم السامع خاصّة. انتهى «شروح «الجامع الصغير» .
ولفظ «الصحيحين» : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلّم يريد غزوة إلّا ورّى بغيرها حتّى كانت تلك الغزوة- يعني تبوك- غزاها في حرّ شديد، واستقبل سفرا بعيدا، وغزوا كثيرا، فجلّى للمسلمين أمرهم ليتأهّبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بجهته التي يريد.
انتهى. وهو حديث طويل؛ عن كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه.
(و) أخرج الطبرانيّ في «الكبير» - بإسناد حسن؛ كما في العزيزي- عن ابن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه؛ قال:
(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم يعجبه أن يلقى العدوّ) للقتال (عند زوال الشّمس) ، لأنّه وقت تفتح فيه أبواب السماء؛ كما ثبت في الحديث؛ أنّه كان يستحبّ أن يصلّي بعد نصف النهار. فقالت عائشة: أراك تستحبّ الصلاة في هذه الساعة؟! قال:
«تفتح فيها أبواب السّماء، وينظر الله تبارك وتعالى بالرّحمة إلى خلقه، وهي صلاة