للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشاهد هذا أنّه صلّى الله عليه وسلّم لم يكن منه شيء يكره، ولا غير طيّب. ومن هذا حديث عليّ رضي الله [تعالى] عنه: غسّلت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فذهبت أنظر ما يكون من الميت، ...

وينبغي طرد الطهارة في فضلات سائر الأنبياء. انتهى لكن الشيخان: الرافعي والنووي على خلافه، وإنّ حكمها منه كغيره. أي: أنّ حكم فضلاته صلى الله عليه وسلّم كفضلات غيره في النجاسة، وجرى عليه ابن حجر الهيتمي في «التحفة» .

ويؤيّد الأوّل أنّه صلى الله عليه وسلّم لم ينكر على ابن الزّبير حين شرب دمه، ولا على أم أيمن حين شربت بوله، ولا على من فعل مثل فعلهما، ولا أمرهم بغسل الفم، ولا نهاهم عن العود إلى مثله، بل أخبرهم بما لعلّه يحملهم على الحرص على التبرك بفضلاته.

ومن حمل ذلك على التداوي قيل له: قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم أنّ الله تعالى لم يجعل شفاء الأمّة فيما حرم عليها. رواه ابن حبان في «صحيحه» ، فلا يصحّ حمل الأحاديث التي بعضها حسن على ذلك، بل هي ظاهرة في الطهارة.

قال الحافظ ابن حجر: قد تكاثرت الأدلّة على طهارة فضلاته صلى الله عليه وسلّم، وعدّ الأئمة ذلك من خصوصيّاته «١» . انتهى.

(وشاهد هذا) ؛ أي: دليل القول بالطهارة (أنّه صلى الله عليه وسلّم لم يكن منه شيء يكره) عند ذوي الطباع السليمة، (ولا غير طيّب) وهذا دليل عقليّ مؤيّد لنظر الشرع.

(ومن هذا) ؛ أي: ومن الشاهد بأنه لم يكن منه شيء يكره؛ ولا غير طيّب (حديث عليّ) أمير المؤمنين (رضي الله عنه) الذي رواه ابن ماجه، وأبو داود في «مراسيله» أنّه قال:

(غسّلت النّبيّ صلى الله عليه وسلّم) - بتشديد السين المهملة- لأنه المستعمل في الميت، ويخفّف في غيره كالثياب، (فذهبت أنظر ما يكون من الميت) ؛ من تغيّر رائحة


(١) كما نص عليه الحافظ الكبير زين الدين العراقي- رحمه الله تعالى- في باب الخصائص من «ألفيته» فقال:
وبوله ودمه إذ أتي ... من شارب تبرّكا مانهي

<<  <  ج: ص:  >  >>