للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا نرى منك شيئا من الأذى؟! فقال لها: «يا عائشة؛ أو ما علمت أنّ الأرض تبتلع ما يخرج من الأنبياء، فلا يرى منه شيء» .

وقال قوم من أهل العلم بطهارة هذين الحدثين منه صلّى الله عليه وسلّم، ...

(فلا نرى منك شيئا من الأذى؟!) بالذال المعجمة والقصر، المراد به هنا:

الغائط! (فقال لها: «يا عائشة؛ أو ما) ؛- أي: أجهلت وما (علمت أنّ الأرض تبتلع) - أصل البلع: إدخال الطعام والشراب في الحنجرة والمري، فاستعير لمطلق الإخفاء، كما في قوله تعالى يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ [٤٤/ هود] أي: تخفي- (ما يخرج من الأنبياء) - بحيث يغيب فيها- (فلا يرى منه شيء؟!» ) !؟: تفسير للمراد من البلع وتأكيد، وإخفاؤه مع طيبه وعدم استقذاره!! لأنه ينبغي ستره لكون ذلك من المروءة، أو لأنه يخشى من أخذ الناس له.

وروى الدارقطني في «أفراده» عنها قالت: قلت: يا رسول الله؛ أراك تدخل الخلاء، ثم يجيء الرجل يدخل بعدك؛ فما يرى لما خرج منك أثرا؟! فقال: «أما علمت أنّ الله أمر الأرض أن تبتلع ما خرج من الأنبياء» !! انتهى «شرح الشفاء» .

وقد سئل الحافظ عبد الغني المقدسي: هل روي أنّه صلى الله عليه وسلّم كان ما يخرج منه تبتلعه الأرض؟! فقال: قد روي ذلك من وجه غريب. والظاهر المنقول يؤيّده، فإنه لم يذكر عن أحد من الصحابة أنّه رآه؛ ولا ذكره، فلو لم تبتلعه الأرض لرئي في بعض الأوقات.

(وقال قوم من أهل العلم بطهارة هذين الحدثين) ؛ أي: البول والغائط (منه صلى الله عليه وسلّم) . وعبّر عن الخارج ب «الحدثين» !! استهجانا للتصريح باسمهما، بل اختار جمع متقدّمون ومتأخّرون من الشافعية طهارة جميع فضلاته صلى الله عليه وسلّم؛ منهم القاضي حسين، والبغوي، والسبكي، والبارزي، والزركشي، وابن الرّفعة، والبلقيني، والقاياتي ... وأطالوا فيه.

وقال السبكي: إنه الذي أدين الله به. واعتمده الجمال الرملي في «النهاية» ، والخطيب الشربيني في «المغني» ؛ وفاقا للشهاب الرملي. بل قال الزركشي:

<<  <  ج: ص:  >  >>