للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تَبكِ ليلى ولا تَطربْ إلى هندِ … واشربْ على الورد من حمراءَ كالوردِ

كأسًا إذا انحدرتْ في حَلْق شارِبها … أَجْدَته حُمْرتَها في العين والخدِّ

فالخمر ياقوتةٌ والكأسُ لؤلؤةٌ … في كفِّ جاريةٍ ممشوقةِ القَدِّ

تَسقيك من طَرْفها خمرًا ومن يدها … خَمرًا فما لك من سُكرَينِ من بُدِّ

لي سَكرتانِ (١) وللنَّدمان واحدٌ … شيءٌ خُصصتُ به من بينهمْ وحدي

فصاح المأمون: هذا واللهِ هو السِّحرُ الحلال، لا قولُ عَمرِو بن كُلثوم: [من الوافر]

[أَلَا هُبِّي بصَحنك فاصبَحِينا] (٢)

وأعطى الغلامَ خمسةَ آلافِ درهم.

[حديث المأمون مع الأعرابي:

حكى أبو العيناء قال: وقف أعرابي بباب المأمون، وصاح: نصيحة. فأمر به، فدخل عليه، فقال: ما نصيحتك؟ فقال: [من الكامل]

إني رأيتكَ في منامي سيدي … يا ابنَ الإمام على الجوادِ اللاحقِ

فكسوتني حُلَلًا طرائف حسنها … تَزهو على حُسْنِ الكُمَيت السابقِ

فقال المأمون: أعطوه خلعة وفرسًا كميتًا فقال:

وأَجَزْتَني بخَريطة مملوءةٍ … ذهبًا وأخرى باللُّجين الفائق

فقال: أعطوه ألف دينار وألف درهمٍ، فقبض الربطتين فقال:

وأجزتني بخريدة روميَّةٍ … حسناء تُشْفَعُ بالغلام الفائق

فقال المأمون: أعطوه ذلك، ثم قال: يا أعراب، إياك أن ترى مثل هذا المنام فربما لم نجد من يفسِّره لك] (٣).

وخرج المأمونُ إلى ظاهر دمشق، فصعد جبلَ الثلج، وإذا ببِركة عظيمةٍ من بِرَك بني أُميَّة، وعليها أَربعُ سَرَوات، والماءُ يدخل فيها (٤) ويخرج منها، فاستحسنها وقال لعَلُّويه: غنِّ، فقال -وكان عَلُّويه من موالي بني أُميَّة-: [من الطويل]


(١) في الديوان ص ١٨٠: نشوتان.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب) و (ف). وعجزه: ولا تبقي خمور الأندرينا. وهو البيت الأول من معلقته الشهيرة.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب)، وأصابها تشويش وطمس فاستدركته من المنتظم ١٠/ ٥٧ - ٥٨.
(٤) في تاريخ الطبري ٨/ ٦٥٧: يدخل سيحًا.